دكتور/ ياسر على نور
لا زال مجتمعنا يضج بالعديد من السلوكيات الدخيلة عليه والتى لا تمت له بأية صلة.. كنا نقرأ عن العصر الجاهلي وأنهم كانوايفضلون الذكور على الإناث ، ومنهم من كان يتجرد من كل مشاعر الإنسانية فيئد الأنثى الرضيعة؛ يضعها في حفرة ويهيل عليها الرمال فيزهق روحها ويقتلها عمدًا.. وجاء الإسلام فحرم وأد البنات، وأكرم الأولاد منذ ولادتهم لا فرق بين ذكر أو أنثى، وكان صلى الله عليه وسلم يردد كثيرًا: "استوصوا بالنساء خيرًا".
أما أن نقرأ اليوم عن انتحار شاب بالمنيا في ريعان السباب- فى الخامسة والثلاثين من عمره- بإطلاق الرصاص على نفسه لأن والدته تعيره بإنجاب البنات؛ فهذا ما يعتبر غريبًا على مجتمعنا، ويحتاج إلى تدخل علماء الاجتماع للوقوف على الأسباب التى أدت إلى هذا العمل المشين.
إنه من المشاهد اليوم أن ذكورًا كثيرين في المجتمع ليس منهم رجال سوى القليل، بل ويعتبرون عبئًا على ذويهم، وهناك سيدة كما يقولون بمائة رجل، وسيدة أخرى توصف بالمرأة الحديدية، ومنهن الكثيرات اللاتى تفوقن في العلوم كسميرة موسى ومن قبلها الشاعرة الخنساء والشيماء وأمهات المؤمنين، وأيضًا وحتشبسوت وكليو باترا، وغيرهن كثيرات من الرائدات.
لماذا إذن الكسوف والخجل من البنات وربما كن قدم سعد وبركة على أهلهن؟! ولماذا الاحتفاء بالذكور وربما كانوا قدم غم وهم على أهليهم؟!
لذا يأتى الدور على علماء الدين الذين يجب عليهم تعميق الجانب الإيمانى لدى الناس، والرضا بقضاء الله سبحانه، والاستسلام لإرادته، وأن الإنجاب بيده وحده لا بيد أحد غيره فهو القائل جل شأنه: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}..
فلا تحزن أيها الأب ، ولا تحزنى أيتها الأم، ولا تحزنوا أيها الأقارب، فإنكم لا تدرون من الذي سينفع ومن الذي يضر، ومن الذى سيجلب العز والسعادة من الذى يسبغ على أهله التعاسة والشقاء..
وختامًا.. نتوجه للخالق جل شأنه بهذا الدعاء القرآنى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}. فإذا مات الإنسان لم ينفعه غير ثلاثة أمور، منها الولد الصالح.. لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى.. فاللهم بارك لنا في أولادنا واحفظهم من كل مكروه وسوء واجعلهم لنا في الحياة خير رفيق.. وابعد عن مجتمعاتنا كل عادة ذميمة لا ترضاها يا رب العالمين.
تفضيل الولد على البنت.. عادة جاهلية
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة