فى الوقت الذى تعلن فيه الحكومات المتعاقبة ارتفاع عجز الموازنة وأن ما يعادل 40 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر؛ لذلك تخرج علينا الإحصائيات لتقول إننا ندفع فى السلع الكمالية ومستلزمات الأكابر 5 مليارات دولار، أى ما يعادل 30 مليارًا بالجنيه المصرى أى أننا بجرة قلم يمكننا أن نستغنى عن القرض أو نوجهه لمشروعات تنموية لصالح الغلابة. كما أن طوفان استيراد سلع الأكابر لا يتوقف يوميًا.. من أجله نستنزف جزءا مهمًا من رصيدنا الأجنبى لتمتلئ رفوف “الهايبرات” بمئات الأصناف من الشيكولاته والجبن والأسماك واللحوم والخضر والفاكهة التى تصل أسعارها لأرقام فلكية يأتى لها زبونها الذى يملك رفاهية استهلاكها بينما يعانى المواطن البسيط فى الحصول على رغيف العيش وأنبوبة البوتاجاز.
خبراء أكدوا أن هذا التشوه فى العدالة الاجتماعية هو المسئول الأول عن جزء كبير من الاحتقان المجتمعى الذى نعيشه.. 2% من شعب مصر اعتزل المجتمع داخل أسوار قصوره وفيلاته وله طعامه الذى يأتى طازجًا بالطائرات من أوربا، وسلعه وسياراته وكلابه و98% من المصريين يعانى للحصول على أبسط حقوقه من السلع والخدمات.
الدكتور طارق مرسى أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة يعلق على السلع الترفيهية قائلاً: فى ظل حرية التجارة والاقتصاد الحر لا توجد سلع كمالية أو ترفيهية طالما أن هناك إقبالًا عليها وهناك أشخاص قادرون على شراء مثل هذه السلع، ولكن هذا لا يراعى البعد الاجتماعى ويمكن للدولة التدخل فورًا لوقف نزيف واستنزاف العملة الصعبة التى توجه لاستيراد هذه السلع ويضطر البنك المركزى لإعادة ضخ العملة الأجنبية للسوق لإحداث حالة من التوازن بين الدولار والجنيه.
وتدخل الدولة يكون لتحويل السلع الكمالية إلى أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية بخطة قصيرة الأجل، وهى حظر استيراد بعض السلع من خلال حوار مجتمعى لأجل قصير حتى تخرج مصر من عنق الزجاجة، ويسترد الاقتصاد المصرى عافيته وخطة طويلة الأجل يتم من خلالها وضع قائمة ببعض السلع من خلال حوار مجتمعى دقيق يشارك فيه كل الوزارات المعنية، ويضم كافة الأطياف وتفرض على هذه القائمة الجزئية معدلات ضريبية مغلظة بمعايير مُثلى تراعى البعد الاجتماعي.
وهذه السياسة الضريبية تهدف إلى تكوين وعاء ضريبى يمكن أن يكون بالعملة الأجنبية من البائع بحيث يسدد الضريبة بالعملة الأجنبية مثلما استورد بالعملة الأجنبية، وتنفق حصيلة هذا الوعاء الضريبى على المشروعات التنموية، ويستثنى من هذه القائمة الجهات والأشخاص التي تثبت حاجتهم لاستخدام السلع بهذه القائمة فى العمل البحثى أو العام مع تحديد الأسباب والجهات من قبل المشرع ويسمى هذا النظام “عودة الضرائب” مع عدم الإخلال بمبدأ الضريبة الموحدة فالتميز فى الضرائب فساد شديد.
الدكتور أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسى، كلية الطب جامعة الزفازيق يتحدث عن الآثار النفسية التى تصيب المجتمع من الإعلان عن السلع الكمالية والترفيهية: أكد أن أخطر الآثار النفسية التى تصيب المجتمع هى العنف الاجتماعى المفرط بدرجاته سواء بإيذاء النفس أو الغير، وينشأ العنف الاجتماعى من زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء فى المجتمع الواحد وعلى الأغنياء مراعاة المسئولية الاجتماعية عليهم وعدم كسر نفوس الفقراء باستهلاكهم غير المبرر للعديد من السلع الكمالية والترفيهية فلا بد للأغنياء والفقراء، فالاقتصاد الفاشل من أهم معاييره وجود فجوة عميقة بين طبقات المجتمع فمثلاً “بيل جيتس” من أغنى أغنياء العالم ومع ذلك يقيم مشروعات اجتماعية ضخمة، وبذلك يؤسس لعمله التجارى ولكن على أساس اجتماعى قوى ويحقق رضا المجتمع عليه، وعلى مشروعاته التجارية إلى جانب تحقيق جزء من مجده الشخصي.
ويضيف الدكتور سامح الشناوى، أن كل الاحصائيات تشير إلى عدم قدرة الحكومة السيطرة على استيراد هذه السلع الاستفزازية والفجوة الشديدة الموجودة بين احتياجات المواطنين من سلع أساسية وتلك الثانوية فآخر إحصائية لعام 2010 تشير إلى إنفاق حوالى 5 مليارات دولار على استيراد سلع استفزازية، وتشمل هذه السلع الشيكولاته والكافيار والسيمون فيميه، وبعض أنواع الجبن والزيتون فلا بد من قيام الحكومة بتقسيم هذه السلع إلى شرائح ووضع ضريبة مناسبة لكل شريحة حتى تستطيع الاستفادة منها والسيطرة على مستورديها.
الاقتصاد و العدالة الاجتماعية والموازنة والمشروعات
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة