لماذا لا نقرأ يا أمة اقرأ؟

الشارع المصري
طبوغرافي

أمة اقــــــرأ في ذيل قائمة الدول القارئة وأن المواطن العربي لا يقرأ سوى ربع صفحة ويبلغ معدل القراءة في العالم العربي ست (6) دقائق في السنة و ينشر في البلدان العربية سنويًا كتاب واحد لكل ربع مليون شخص حسب احصائيات حديثة لليونسكو، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو ALECSO".

طرحت جريدة الفتح اليوم على المتخصصين والخبراء وبعض أولياء الأمور السؤال الكبير الذى في نهايته علامة استفهام كبيرة: لماذا لا نقرأ؟ ما هى الأسباب الحقيقة للعزوف عن القراءة؟
وكان لنا هذا اللقاء مع دكتور أمير سليمان، طبيب وكاتب يرى أن الاب والأم أصلا من الأساس لا يقرأون كتبًا ولا يعلمون أولادهم على مسكة الكتاب من صغرهم، فالطفل ينشأ لا يعرف معنى القراءة حتى يلتحق بالمدرسة ويكتشف أن هناك كتبًا مدرسية، ومطلوب منه يصمها ويخرج ما صمه فى الامتحان.

2- أولويات الإنسان المصري وربما العربي بشكل أعم هي إشباع الاحتياجات الاساسية البيولوجية مثله في ذلك مثل أي كائن حي (كالأميبا نموذجًا).. وهذا لاعتبارات اقتصادية ومجتمعية.

3- على مستوى الحكومات لا يوجد مشروع قومي لتشجيع الأطفال بالأساس والكبار على القراءة ( مشروع سوزان مبارك لم يكن مشروعًا قوميًا للتشجيع على القراءة وإنما فقط للتشجيع على اقتناء الكتب ورميها في المكتبة إن وجدت أو في كرتونة.

4- الكتّاب الجيدون لا يجدون من يتبناهم، والناشر الشاطر لا يبحث إلا عن الكاتب الذى يحقق من ورائه المكسب.

أما الأستاذ فايق فؤاد فارس تربوي ومدير احدى المدارس الخاصة فيؤكد أن الأسباب الحقيقة وراء العزوف عن القراءة في البدائل السريعة، الأنترنت والموبايلات الحديثة وإيقاع الحياة السريع والأولويات، حيث يكون هدف ولى الأمر أن يبحث عن الأهم فالمهم في حياته وبعض أولياء الأمور يريح نفسه ولا يهتم بغرس حب القراءة والاطلاع عند أولاده ويعتقد إنه طالما سلم ابنه أو بنته للمدرسة أو للمدرس الخاص انتهت مهمته ونحن كمسئولين وأيضًا كأولياء أمور نشجع الأولاد على البحث ونكرم المتميزين.. وأنا أطلب من أبنائي الطلبة عمل أبحاث عن مثلا عن نصر أكتوبر 73 وأشترط على الطلبة أن يكون البحث مكتوبًا باليد وليس على الكمبيوتر حتى أشجع الطالب والطالبة على البحث والتنقيب، لأنه ربما لو جلس على الإنترنت لأحضر موضوعًا جاهزًا مسبقًا، وأقوم بتشجيع وتكريم المتميزين من الطلبة والطالبات ودائمًا أنصح أبنائي الطلبة وأقول لهم تعلموا العلم من أجل العلم و ليس من أجل الامتحانات.

ويرى دكتور سامح مختار- محاضر فى التنمية الإنسانية أن هناك اتجاهين عريضين في البحث عن سبب العزوف عن القراءة : (والتفكير هنا خارج الصندوق)

994954_3622196609712_248645660_n
الاتجاه الأول : يجب قبل عمل الإحصائيات عن معدل القراءة أن نعدل مقياس الإحصائيات فيكون ( معدل القراءة والاطلاع) وذلك لسبب هام جدا : الزمان تغير وأهمل بعض الناس قراءة الكتب الورقية فى حين يقرأون أو يطلعون على نفس المعلومات وربما أكثر من مطالعة (الانترنت) بوسائله المختلفة.. وأيضا مشاهدة أى برنامج قديم أو حديث على اليوتيوب والاستفادة من فكره مثل (العلم والإيمان، الشيخ الشعراوى، البرامج الدينية، الثقافية، العلمية، الفلسفية، الفكرية، بعض الكتب التى يمكنك سماعها بأذنك لمن لا يحب القراءة....إلخ ) وكذلك الاستماع إلى البرامج الإذاعية والإف إم وخلافه من (إذاعة قرآن كريم.. منوعات.. إلخ ) وكذلك مشاهدة الفضائيات ومتابعة برامج مفيدة ورواد إعلاميين فى مجالات الثقافة المتنوعة من دينية واجتماعية وإنسانية وعلوم حياة....إلخ وكل هذا يثرى ثقافتهم بشكل كبير والأصح أن يراعى هذا فى أرقام الإحصائيات لتكون تلك الإحصائيات عن (القراءة والاطلاع).

الاتجاه الثانى : إعطاء نصائح وتقديم حلول مباشرة وهى : حث القارئ للتحقيق (خاصة إذا كان من غير محبى القراءة للكتب الورقية ) أن يطلع على الثقافات المختلفة.. كما أوضحت فى الاتجاه الأول.. وأن ينوّع ما بين القراءة والاطلاع.. ولكن بشرطين هامين جدًا وهما : أن يختار مصادر موثوقًا بها.. بمعنى: العالم أو مقدم البرنامج الذى يستمع إليه أو يشاهده (أن يكون أهل ثقة)..أو الموقع على الانترنت الذى يعتبره مصدرًا لمعلوماته أن يكون المشرف عليه (من أهل الثقة ).. وهكذا.

لماذا لا تقرأ أمة اقرأ؟
ويرى الدكتور محمد السيد- المحاضر الدولي والخبير في التنمية البشرية أن كثيرًا من الدول العربية والاسلامية بحالة من هجر القراءة بصورة كلية أو جزئية ومن وجهة نظرى تتعدد أسباب البعد عن القراءة، ويرجع ذلك للأسباب الآتية:
1- ثقافة تلك الشعوب وانطباعهم عن القراءة : هذه الأجيال من الناس تربت على أن القراءة رفاهية وليست ضرورة وتعودت تلك الشعوب على أن القراءة اضطرار وليست اختيارًا وبالتالى يقرأ الطالب مقهورًا طوال العام الدراسى فإذا ما انتهى من العام الدراسى هجر العلم وربما انتقم من الكتاب الذى كان يقرأ فيه.

2- اختفاء الرؤية والهدف فى الحياة : ملايين الشباب لا سيما فى العالم العربى يعيشون حالة من الضبابية والتيه والتغييب وفراغ المضمون وقد أرهقتهم الظروف وأنهكهم الواقع فسئموا من كل ما هو جميل ويشعرون بحالة من الملل من كل ما هو علم او معرفة.

3- التوتر وسرعة الملل عند الشباب : كثير من الناس يلجئون لقراءة سطور معدوده على الانترنت بصورة سريعة وخاطفة ولا يتمعنون فى كتاب من البداية الى النهاية.

4- غياب ثقافة مكتبة العائلة : ليس كما نشاهد فى العالم الغربى أن هناك مكتبة ضرورية فى كل منزل ليقرأ أفراد العائلة قائمين وعلى جنوبهم.. بل وإن البعض يبالغ فى الأمر فيضع مكتبة صغيرة فى بيت الخلاء حتى لا يضيع تلك اللحظات التى يقضى فيها حاجته بدون قراءة. ولكن للأسف أصبحت بيوتنا تقتصر على المكتبة بوضع التلفاز فيها.

5- فقد التوعية : معروف فى كل دول العالم أن الإعلام هو الموجه الحقيقى للناس فى كل وطن ومن ثم فإن الإعلام عندنا فى تغيير قناعات الناس وحثهم على القراءة لا يقوم بأى دور للأسف.

6- غياب التقدير للمبدعين والقراء والكتاب وأصحاب الأبحاث العلمية ومسابقات لأفضل الكتب تأليفًا وغيره وهذا يجعل الصورة دائمًا جافة وباهته فى عالم المعرفة.. وبلاشك لا يثير الناس للقراءة والابداع.