وما نجده الآن من اهتمام خاص من وسائل الإعلام بالقضايا سيئة السمعة في جو لا يبتغي غير نشر الفتنة والرذيلة تفتيت المجتمع وقيمه لا يغدو أكثر من تواطؤ أو تباطؤ من الدولة في الحفاظ على ثقافة المجتمع.
وفي واقعنا العربي دائما ما تكون حرية التعبير والإبداع هي “ شماعة “ الدفاع عن إباحية الفجور والرزيلة كما يشهده واقعنا اليوم ، ولعل القضاء المصري يقف الآن ليقاضي أدعياء الفن من أهل العري والرذيلة مثل رضا الفولي والراقصة سها محمد على وشهرتها “شاكيرا”، و الراقصة داليا كمال يوسف وشهرتها “براديس”
وخاصة بعدما تعدى الأمر من عري وإسفاف إلى التحريض على الفسق والفجور وممارسة أفعال وتصرفات خادشة للحياء والآداب العامة حسب تحريات المباحث العامة من رجال الشرطة.ولعل القضية تكمن في غياب سلطة تشريعية وتنفيذية تضع ضوابط محددة للمعالجة الإعلامية حتى يحد من تضخم الفساد الأخلاقي، ووضع المعايير الضابطة لوسائل الإعلام لعدم استغلال الجنس كعنصر للإثارة الإعلامية لكسب نسب أكبر للمشاهدة وعدد من الإعلانات التجارية، وضمان رعاية المؤسسات والشركات لبرامجها..
وتنحصر تعليمات الأجهزة الرقابية على المشاهد المصورة والسيناريو على أشكال وهمية عاجزة لا تعالج بها المشكلة أو تحفظ بها قيمة فنية وتربوية جادة بل يكون الأمر روتينا حكوميا سقيما حيث دائما ما تعترض على كلمة أو جملة أو مشهد في سياق كله ابتذال وإسفاف لا يليق، مثل مسلسل «ابن الارندلي» مثلاً كتمت كلمة «فياغرا» التي اعتبرها تأتي «بشكل مبتذل» في أكثر من موضع في الحلقات الأولى، كما اعترضت أيضا جملة تقولها إحدى السيدات وهي «أنا لما جوزي بيتعوج معايا باضربه بالشبشب، وساعات باضربه بعصاية الغلية». وجملة أخرى يقولها أحد الممثلين في مسلسل الباطنية، حينما يتحدث عن إباحة الإتجار بالمخدرات «طب دي الخمرة اللي ربنا محرمها والرسول لعن اللي يشيلها موجودة قدام عنينا ليل نهار، اشمعنى الحشيش بنتكلم عليه؟ ده طالع من الأرض زيه زي الخس». وفي مسلسل «خاص جدا»، اعترضت الرقابة على جملة حوارية في مشهد شجار «جرى إيه يا مرة يا خرج بيت يا مطلقة مبقاش غيرك». وأيضا جملة «مش باقول لك وانا عندي 10 سنين أخذت أبويا قلم على بوزه جبت مناخيره الأرض».
وهذا بعض يسير من كثير غلبنا الحياء أن نستشهد به لشدة خلاعته ومخالفته لقيم الجريدة، ولا يقتصر الأمر على الإعلام المشاهد من مسرح أو سينما بل تخطى أيضا إلى المقروء، فظهر لنا أشباه الكتاب ممن أسموا أنفسهم مفكرين، ولا يخرج فكرهم عن الإباحية الفكرية مثل الكاتبة المصرية “ منى الطحاوي” والتي تدعو لـ”ثورة جنسية” في كتابها “الحجاب وغشاء البكارة” وهي ترى أن المرأة مواطنة من الدرجة الثانية في البلاد الإسلامية طالما لا توجد لها ثورة جنسية حقيقية تجعل حريتها شيئا ممكنا. وقد سبقتها الصحافيَّة المصريَّة “شيرين الفقي” في العام الماضي 2014 بكتاب “الجنس والقلعة” وشددت على ضرورة أنْ تواكب ثورةٌ اجتماعيَّةٌ وجنسية الثورات السياسيَّة، وتتهم “الطحاوي” المحافظين وأصحاب القيم بأنهم يجعلون جسد الأنثى “حاملا ثقافيًا”، فيُلبِسُونه التصورات الذكوريَّة للثقافة. وهكذا تُخْتَزَل النساء إلى مجرَّد غشاء بكارةٍ وحجابٍ، أما العفـَّة والطهارة فهما المذبح الذي تجري عليه التضحية بحياة المرأة إذا اقتضى الأمر من أجل السِمْعة الحسنة.
ولعل أحاديث بعض أهل الفن المعتزلين عن تجربتهم الفنية شاهدا على خروج الفن عن قيمه ورسالته الحقيقية في بناء الوطن وترسيخ هويته، وها ما تعبر عنه الأستاذة هالة فؤاد ( ممثلة سابقة ): حينما ذكرت في حديثها لمجلة (كل الناس)، العدد/85، والكواكب، العدد/2056 (أرى أنني ارتكبت معصية وخطأ كبيراً في حق ربي وديني، وعلى هذا الأساس أتمنى أن يغفر الله لي ويسامحني )وأيضا جميلة الشاشة شمس البارودي، والتي اعترفت أن العملية الإعلامية خرجت من كونها فنا وتمثيلا إلى استغلال جنسي حينما ذكرت أن الأدوار التي كانت تعرض عليها تركز على جمالها الذي وهبها الله إياه. فتقول frown رمز تعبيري كنت أشعر أن هناك انفصامًا بين شخصيتي الحقيقية والوضع الذي أنا فيه.. وكنت أجلس أفكر في أعمالي السينمائية التي يراها الجمهور.. ولم أكن أشعر أنها تعبّر عني، وأنها أمر مصطنع، كنت أحسّ أنني أخرج من جلدي.) وتتمنى البارودي: لو عدت إلى الوراء لما تمنيت أبداً أن أكون من الوسط الفني، كنت أتمنى أن أكون ملتزمة .
ولا تختلف معها “ فابيان “ أشهر عارضة أزياء فرنسية، حينما أكدت أن الأمر خرج من الامتهان إلى الابتذال والتجارة الجنسية حينما ذكرت ( لولا فضل الله عليّ ورحمته بي لضاعت حياتي في عالم ينحدر فيه الإنسان ليصبح مجرد حيوان كل همه إشباع رغباته وغرائزه بلا قيم ولا مبادئ ) وودت لو عاد بها الزمن لتعمل بمهنة ممرضة بدلا من طريق الفن الشهواني ..
والتشريع الإسلامي لا يحجر على الفن أو الإبداع، بل يدعمه ويشجع عليه ولكن بما يمنع الإنسان والمجتمع من وقوع الضرر، فالإسلام حدد كيف تكون العلاقة بين الرجل والمرأة وكيف يكون الود والألفة والرحمة والسكينة، فالمرأة ليست سلعة تباع وتشترى، أو يكتسب من وراء جمالها..
وكذلك فنحن لا ننادي إلى محاربة الفنون والإبداع، بل على إنتاج الفن الجاد الذي يبني ولا يهدم ويجمع ولا يفرق، يُبدع ويُطرب ولا يبتذل ويسف.
أفعال وتصرفات خادشة للحياء والآداب العامة من وسائل الإعلام بنشر القضايا سيئة السمعة
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة