قصص من الحياه : حسن الخاتمة

الشارع المصري
طبوغرافي

فيفى فتاة فى التاسعة عشر من عمرها من أسرة ميسورة الحال ... كانت إنسانة عنوانها الآداب وشعارها الاحترام، خلوقة وتعطى كل زى حقاً حقه، تحترم الكبير وتحن على الصغير ... تميز عن أقرنها بحسن الخلق وجمال الصورة، أسرت قلوب كل من تعامل معها من معلمين أو زملاء لرجاحة عقلها وذكائها الشديد الذى بسببه أصبحت متفوقة.

كان يعيب فيفى تبرجها وعدم تأديتها للصلاة ... بعكس صديقتها الحميمة تقى الفتاة الملتزمة لا يفوتها أى صلاة، ولا هم لديها إلا النهى عن المنكر والأمر بالمعروف، كانتا الفتاتان لا يفترقان أبداً، إلا فى أوقات الصلاة.

دامت تقديم النصح إلى صديقتها بالالتزام وارتداء وبالصلاة الحجاب ولم تيأس أبداً... لكن كانت فيفى تتحجج بتأجيلها تنفيذ ذلك لانشغالها إما فى المذاكرة أو تجميل نفسها.

فى أحد الأيام خطر على بال تقى فكرة ذهبت على أثرها إلى فيفى وقالت لها: اريد الذهاب لاشترى ملابس لى جديدة وأريد الاستعانة بك لخبرتك وذوقك الجميل ... ممكن تأتى معى وتأخذينى فى سيارتك للشراء وبعدها ترجعينى إلى البيت.

وضعت فيفى أمام الأمر الواقع ولن تستطيع المفر ولا الاعتذار ووافقت وذهبتا إلى أحد الأسواق الشهيرة الذى اختارته تقى، وبطبيعة الحال لم يعجب فيفى أى ذوق من معروضات ذلك السوق.

مر الوقت مسرعاً الاختيار لعدم الرضى تارة وغلو الثمن تارة أخرى، وفى حدة بالغة قالت تقي: يا نهار أبيض أنا نسيت أن عندى درس فى المسجد وتأخرت عليه ولازم احضره ... ونظرت إلى صديقتها فى رجاء واستعطاف ودلال الصديق على صديقه وطلبت منها أن تساعدها فى الوصول إلى المسجد بأسرع وقت ممكن وأنها سوف تأجل استكمال الشراء لوقت أخر، وبعد انتهاء منه تعيدها إلى منزلها ... وافقت فيفى على مضد بشكل فكاهى وانطلقتا إلى المسجد.

فى الطريق قالت تقى: فيفى لابد أن نتوضأ قبل دخولنا المسجد.ردت فيفى فى استغراب متحسسه وجهها: طب والمكياج.وبسرعة أجابت تقى: ها يغتسل ولن نأخر وأنتِ وفى العودة ستكونين داخل سيارتك ولن يراكِ أحد مما نعرفهم.

ذهبت الفتاتان الى المسجد وقامتا بالتوضؤ وألبست تقى فيفى إسدالا كان داخل شنطتها، وصلتا صلاة العصر فى المكان المخصص للسيدات خلف إمام السجد.

بعدها .... شعرت فيفى بسعادة تجتاح جسدها وانشرح قلبها صدرها ... بعدها بدأ الشيخ فى إلقاء الدرس الذى كان يتحدث عن الحجاب الشرعى ... تأثرت فيفى بكلام الشيخ واستقبلته بتركيز شديد وأحسّت بمشاعر عبارة عن خليط بين البكاء والفرح، والهدوء والحماسة، والحياة بعد الموت، والنور بعد الظلمات ...

شعرت فيفى بصفاء فى ذهنها ولامت نفسها على التقصير ... وبكت فى صممت وقررت ألا تخرج من المسجد دون ارتدائها لإسدال تقى إلى أن تصل لبيتها وترتدى حجابا شرعيا لن تنزعه أبداً، ولن تترك فريضة قد أمر بها الله إلا وأن تؤديها.وخرجتا من المسجد مسرعتان والدموع تملأ عينيها من شدة فرحتها بعودتها إلى الله..

ويشاء القدر أن تصدم فيفى سيارة كانت مسرعة وقذفتها بقوة إلى أعلى ثم سقطت بعنف على الأرض وبدأت الدماء تسل من وجهها ورأسها. احتضنتها تقى وضمتها إلى صدرها ومسحت الدماء من على وجهها ... تحول وجه فيفى إلى وجه ملائكى يشع منه النور ونظرت إليها ونطقت به الشهادتين.

ماتت فيفى التائبة، بين ذراعين صديقتها الحميمة التى دلتها إلى الخير ... وأغمضت تقى عينيها وقالت فى ابتسامة حزينة والدموع تملأ عينها "يبعث كل عبد على ما مات عليه" صدق رسول الله ... اللهم أرزقنا حسن الخاتمة.