الوقت مسئولية كبرى، يحاسب عليها المسلم أمام الله تعالى وهو أمانة فى رقبته، ففى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه ".
الوقت هو وعاء العبادة وشرط قبولها، فالصلاة والزكاة والصيام والحج ونحوها عبادات محددة بأوقات معينة، لا يصح تأخيرها عنها، وبعضها لا يقبل إذا أدى فى غير وقته، فهى مرتبطة ارتباطًا وثيقاً بالوقت، الذى هو عبارة عن الظرف أو الوعاء الذى تؤدى فيه.
ويحث النبى صلى الله عليه وسلم الأمة على الاهتمام بتنظيم الوقت وتوجيهه لمعالى الأمور فى الحياة الخاصة والعامة، فيقول فيما يرويه عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [ ألم أُخْبَر أنّك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: بلى. قال: فلا تفعل، قم ونم وصم وأفطر، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لِزَورِكَ عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً ] ومن الأولى بالمسلم ألا يخل بهذه الموازنة بل الواجب عليه أن يوزع وقته للوفاء بهذه الحقوق دون إخلال بأحدها لصالح الآخر، وليس المقصود توزيع الوقت بين هذه الحقوق بالتساوي، وإنما المراد التسديد والمقاربة فى الوفاء بها جميعاً قدر الاستطاعة.
وهذا ما عبر عنه ابن القيم رحمه الله فى معرض حديثه عن كيفية عمارة المسلم لوقته، فقال: [ إن عمارة الوقت تكون بالاشتغال فى جميع آناء الوقت بما يقرب إلى الله، أو يعين على ذلك من مأكل، أو مشرب، أو منكح، أو منام، أو راحة، فإنه متى أخذها بنية القوة على ما يحبه الله وتجنب ما يسخطه، كانت من عمارة الوقت، وإن كان له فيها أتم لذة، فلا تحسب عمارة الوقت بهجر اللذات والطيبات ]
ولا يصح تصور وجود وقت مستقطع من حياة الإنسان المسلم يكون فارغًا فيه، ويسمى وقت فراغ.. فراغ من أى شيء، طالما أن حياته كلها عبادة لله، حتى فى ترويحه وسروره وأنسه وجميع مناشط حياته ? فهو فى كل أوقاته إما مأمور بأمر، أو منهى عن أمر، وبالتالى لا يمكن تصور وجود وقت فى حياة المسلم يحق له أن يتصرف فيه كيفما يشاء حسب ما تنص عليه بعض تعريفات علماء الغرب لوقت الفراغ.
الوقت مسئولية كبرى، يحاسب عليها المسلم أمام الله تعالى
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة