45 ألف حالة طلاق ..والإنترنت الجاني

الشارع المصري
طبوغرافي

انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة ارتفاع معدلات الطلاق في مصر.. فقد أشارت أحدث الإحصائيات للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلي أنها احتلت المركز الأول في الوطن العربي حيث تقع حالة طلاق كل 6 دقائق وبمعدل 88 ألفًا كل عام.. لكن المفاجأة التي فجرتها الإحصائية هي أن 45 ألف حالة من حالات الطلاق التي وقعت كانت بسبب الإنترنت سواء بالدخول علي المواقع الإباحية أو غرف الدردشة وغيرهما.

السؤال هنا ما سبب ارتفاع معدلات الطلاق إلي هذه الأرقام الفلكية وكيف نقضي علي هذه الظاهرة التي تهدد كيان المجتمع المسلم؟
في البداية يقول الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة:إن من أكبر المشاكل التي تواجه المجتمعات العربية والإسلامية تزايد عدد المطلقين والمطلقات ويرجع ذلك إلي أسباب عدة أولها سوء الاختيار فكثير من الشباب والفتيات يسعون إلي اختيار المال أو الجري وراء الجمال أو نحو ذلك من الحسب والنسب أو الشهادات العلمية وينسون أو يتناسون أن الدين هو أساس الاختيار والسبب الأكبر لتحقيق الحياة الزوجية المستقرة والدائمة كما قال النبي صلي الله عليه وسلم “فافظفر بذات الدين تربت يداك” أي ربحت وكثر خيرها وكما قال عليه الصلاة والسلام “لا تتزوجوا النساء لأموالهم فعسي أموالهن أن تطغيهن ولا تزوجوهن لجمالهن فعسي جمالهن أن يرديهن ولكن تزوجوهن علي الدين ولأمة سوداء ذات دين أفضل”.
وثانيها بُعد التربية الدينية عن مجال الشباب والفتيات فأصبح كل منهما لا يري الله في الآخر ولا يعرف ما له من حقوق ولا ما عليه من واجبات فتاهت الأمور بين الطرفين.. وثالثاً شيوع الفواحش والمنكرات عبر رسائل الإعلام المختلفة مما قد يعني بعض الشباب عن الاستمرار في الزواج فضلاً عن البدء فيه.. ورابعاً كثرة العنوسة وانتشارها بين الرجال والنساء مما يجعل الكثير ممن يفكرون في الاستبدال والاستغناء بكثرة المعروض من الرجال والنساء خصوصاً أن البعض يسعي إلي عرض نفسه علي الآخر.. وأخيراً جهل كثير من النساء بحقوق الزوج واندفاع الكثيرات منهن إلي التسلط والعناد والاستعانة بالأفكار الجديدة في الاهتمام بالمرأة ومساواتها بالرجل والوقوف إلي جانبها في القضايا والمصالح مما جعل امرأة مستغنية عن البيت أو الزوج الذي أصبح في نظرها الجديد سجناً وقيدا يعطلها ويحرمها من الاستمتاع بالحياة والحقوق الخاصة.

حل المشكلة
يري د. غنايم أن الحل يكمن أولاً في حسن الاختيار والبحث في كل من الرجل والمرأة عن الدين فهو المؤهل الأول والأكبر كما قال صلي الله عليه وسلم: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” وهذا ما لاحظناه في مشكلة الطلاق وتزايدها.

ولا بد من رقابة واعية علي وسائل الإعلام المختلفة التي تبث كثيراً من المنكرات مما يهدد سلامة البيوت واستقرار العلاقات الزوجية.. ورابعاً: لا بد من إيجاد حلول لمشاكل العنوسة والبطالة فإنها سوف تساعد علي قلة أعداد المطلقين والمطلقات.. وعلي كل من الزوجين أن يعرف حقوق الآخر وواجباته نحوه حتي يؤديها ويحافظ عليها وإذا كان جاهلاً بها وجب عليه أن يسأل عنها كما قال تعالي: “فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون”.. وأخيراً لا بد من تخفيف حدة المناداة بالمساواة بين الرجال والنساء وإثارة روح التعاون والمودة والعفو والتسامح وإقامة العدل بين المتقاضين منهم في ذلك.

يقول الدكتور منيع عبدالحليم محمود عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر: إن الإسلام يعتبر أن أبغض الحلال إلي الله الطلاق وعلي مدي حياة الرسول صلي الله عليه وسلم لن ينصح رجلاً بطلاق قط بل إنه في سيرته المباركة نجد لمحات من محاولات رسول الله صلي الله عليه وسلم بعدم طلاق المتنازعين.. إذن هذه القضية في الإسلام رغم أنه جعل الطلاق حقاً للرجل إلا أنه قضية مكروهة لا يحبها الرسول ولا صحابته الأجلاء.

أكد أنه إلي عهد قريب كنا محصنين ضد التيارات الوافدة حتي بدأت هذه الحصانة تضعف بسبب ابتعادنا عن مبادئنا وديننا فتعرضنا للغزو الغربي من كل جانب ولعل من المواضيع المهمة هو تأثير المواقع الإباحية علي العلاقات الجنسية الشريفة الواقعية.

أضاف أن المسألة ليست مسألة غضب لا قيمة له ولكنها مسألة تكوين أسرة هي النواة الأولي للمجتمع.. فيجب أن يكون الزوجان علي المستوي الخلقي والاجتماعي الصحيح والسليم والمستنير بما أراده الإسلام منهما من تكوين هذا الزواج ليكون خدمة لدين الله وللمجتمع الإسلامي الذي يريده الله تعالي وأن يصبر الزوج علي سوء أخلاق الزوجة وان تصبر الزوجة علي سوء خلق زوجها لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.
سلبيات وإيجابيات
يقول د. زكي عثمان الأستاذ بجامعة الأزهر: إن للإنترنت جوانب إيجابية وأخري سلبية فمن الناحية الإيجابية فهو مفيد جداً في إعداد البحوث العلمية والطبية والدراسات وتعلم اللغات وتثقيف الإنسان لنفسه والدعوة إلي الله والدفاع عما يسيء إلي الإسلام.. أما النواحي السلبية فهي عديدة وخطيرة منها السقوط في بئر الرذيلة حيث يتم استخدام روادها في ترويج المخدرات والإرهاب فضلاً عن المحادثات والعلاقات الغرامية التي تنشأ بين المتحدثين وتودي إلي صدمات عاطفية.. وللأسف أثبتت إحدي الدراسات أن 85% من مستخدمي الإنترنت يستخدمون المواقع الإباحية و15% فقط البحوث والدراسات.

يشير إلي أننا كنا في السابق نشاهد التلفاز للتسلية والثقافة المرئية واستطلاع أخبار العلم من حولنا ولكن وسط عالم المادية الخالية من الأخلاق والمباديء السامية التي تحكم المجتمعات الحضارية ظهرت تجارة من نوع آخر وهي تجارة الدعارة والجنس عبر قنوات التلفاز والإنترنت هذه الحضارة التي لا يحكمها حاكم ولا رادع غير الربح المادي المطلق المجرد من كل أساسيات الأخلاق هي ثالث تجارة مربحة بعد ترويج المخدرات وبيع الإسلحة.