قانون الميراث: حماية للنساء والأيتـــــــــــــــــــام

الشارع المصري
طبوغرافي

يشهد مجلس النواب، تعديل قانون الميراث ليكون أكثر إنصافاً للمرأة ، ليتم سن عقوبات رادعة من السجن والغرامة لمواجهة التقاليد الجاهلية بضياع ميراث الأخوات لمصلحة إخوتهن من الذكور، وأكد العلماء أن العقوبات للظالمين أمر شرعي للردع، لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وقد سنّت العقوبات لحماية الحقوق، فالمواريث حددها الله بنفسه في آيات قرآنية إلى يوم القيامة، لمنع التلاعب فيها أو تغييرها، خاصة بالنسبة الى النساء والأيتام.

ووفق الاحصائيات فهناك أكثر من 244 ألف قضية نزاع على الميراث يتم النظر فيها أمام القضاء سنوياً، بالإضافة إلى 4750 قضية حجر لعدم أهلية التصرف في الممتلكات على أحد الوالدين أو كليهما، يقيمها الأبناء أو الأشقاء ضد بعضهم بعضاً، وتقع 9600 جريمة قتل سنوياً بين أفراد الأسرة الواحدة بسبب الميراث، وهو رقم مفجع يتزايد سنوياً، و223 ألف قضية نزاع على ميراث و9500 قضية حجر على أحد الأبوين أو الأشقاء.

والجهود لتعديل قانون الميراث بدأت قبل انتخاب مجلس النواب الحالي وتشكيله، وتم الحصول على موافقة رئيس الجمهورية على مشروع قانون، مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، بحيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تتجاوز الـ 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمداً عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، كما تكون عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تتجاوز المئة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من كانت أعيان التركة أو بعضها تحت يده باتفاق الورثة، وامتنع بغير حق عن تسليم كل وارث نصيبه في ريعها، كذلك يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تتجاوز الـ 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حجب سنداً يؤكد نصيباً للوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين، وفي حالة العودة الى أي من الأفعال السابقة، تكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة.

ويقول متابعون أن هناك محاولات جدية لرفع الظلم عن المرأة والفئات المستضعفة، مثل الأشقاء الصغار السن الذين يتم استغلالهم وضياع حقوقهم من جانب الأشقاء الأكبر سناً، من خلال عمليات تسويف ومماطلة تؤدي إلى ضياع الميراث كلياً، أو بخس الشقيقات والأشقاء حقوقهم من جانب أشقائهم الذين ما زالوا يعيشون في فكر عصور الجاهلية، حيث كانت المرأة لا ترث بل تورث مثل بقية الأمتعة إلى الرجال في قبيلتها، إلى أن جاء الإسلام وأنصفها وحدد لها مواريث وفق حالتها.

تصف الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، تعديلات قانون الميراث بأنه نصر للمرأة والضعفاء من الأيتام والأشقاء الصغار على الجبابرة الذين استحلوا أكل أموال الغير بالباطل، رغم التحذير الإلهي الباقي إلى يوم القيامة: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ "30) سورة «النساء».

وتوضح الدكتورة آمنة أن هذه التعديلات في قانون الميراث تعد إجراء عادلاً يساهم في تمكين المرأة، وتأكيداً على أن الدولة جادة في عملية إنصاف المرأة، وهي متوافقة تماماً مع أحكام الشريعة الإسلامية، التي تعمل على إنصاف المظلومين والتصدي للظالمين، لأن الظلم ظلمات في الدنيا والآخرة، ولا شك في أن منع الظالم عن ظلمه يعد قمة الرحمة به قبل غيره، لأن الشرع أو القانون هنا يحميه من نفسه الأمّارة بالسوء،

يقول الدكتور عبدالله النجار، الأستاذ في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، إن هذه التعديلات متوافقة تماماً مع أحكام الشريعة الإسلامية، التي نصّت على أن للأنثى الحق في الميراث الذي قد يصل في بعض الحالات أضعاف ما للرجل وليس النصف، في كل الحالات كما يفهم البعض من العامة، لأن هذه الحالة مقصورة على الأشقاء والشقيقات فقط، أما بقية الحالات فإن المرأة تكون مساوية للرجل أو أكثر منه.

وينهي الدكتور عبدالله النجار كلامه مؤكداً أن هذه التعديلات قمة العدل، وينبغي على الدول العربية والإسلامية إجراء تعديلات قانونية مماثلة إنصافاً لذوي الحقوق من الضعفاء، حتى لا تحل اللعنة على الجميع، لأن الله يلعن أي قوم يضيع الحق بينهم بأن يطبقوا حدود الله وفق أهوائهم الشخصية، ولهذا قال (صلّى الله عليه وسلّم): «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد»، ومن الكلمات العظيمة لشيخ الإسلام ابن تيمية: «إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة».