لكل إنسان منظار وبصمة خاصة، فهناك من يرى الدنيا مشرقة مضيئة فاتحة أبوابها، وهناك من يراها كسفينة عابرة؛ لا يعلم فى أى شاطئ سوف ترسو به، وكل ما عليه محاولة إتمام المسير، وفئة أخرى لم تضئ لهم الحياة شموعها فينظرون لها نظرة كئيبة.. لكن تظل الحياة بحلوها ومرها عجلة تدور وعلينا مسايرتها.. فمن الصعب أن يخفى الإنسان أحزانه، ويكتم همومه وآهاته تتصارع بداخله كما تتصارع الأمواج داخل البحر الممتد.
فالحياة منذ بدايتها حتى نهايتها مزيج من المواقف الإنسانية التى يتفاعل فيها بمشاعره ويعبر عنها بصدق.. كما أن عالمنا مليء بالمتناقضات إلا أن الخير ما زال موجودًا داخل النفس الطيبة التى تمنحه بكل الحب للآخرين، فلا تيأس ما زالت هناك أنفس تحمل المشاعل والقناديل لتضيء أمام غيرها الدروب.. وهناك أنفس تحرص على مد يد العون والمساعدة دون انتظار كلمة شكر واحدة..
وقد علَّمتنى الحياة أن أنفض همومى وأتخلص منها بقدر ما أستطيع، تماما كما ينفض الخريف وريقات الأشجار الصفراء من أغصانها؛ برغم أن لكل منا أحزانه وآلامه وإن اختلفت أشكالها وتنوعت أسبابها، إلا أن علينا ألا نستسلم لها أو نيأس بسببها، بل نتخلص منها قبل أن تقضى على سعادتنا.
وليكن لكل منا صندوق خاص يتخلص فيه من همومه وأحزانه، كالكاتب الذى ينشر كلماته على الورقة، أو الرسام الذى جعل فرشاته وسيلة للتنفيس عما فى صدره فيخرج من خلالها إلى رحاب أوسع، أو الشاعر الذى يبث أحزانه وهمومه من خلال أشعاره.المهم ألا ندع أحزاننا وآلامنا النفسية حبيسة فى الأعماق تتشعب آثارها وتكبر مع الوقت.. وتصبح العواقب وخيمة بعد ذلك، ولنعلم أن الإنسان الحزين المهموم الذى يحبس نفسه داخل نفسه إنسان ضعيف الإيمان وضعيف الإرادة.. لكن العاقل هو الذى يحارب الهموم والوساوس ويرميها بعيدًا مهما أظلمت الدنيا فى وجهه.. ومهما عبست الأيام.. فليس هناك ما يريح النفس أكثر من أن ترسم ابتسامة على شفاه ظلت عابسة طويلاً.
وليس أعظم من أن تبعث النور فى عيون طالما نظرت للدنيا بعدسات مظلمة، وليس أسعد من أن تزرع الأمل فى نفس إنسان قد يئس من الحياة، وليس أروع من أن تأخذ بيد تائه ظل يتخبط فى خطواته وتوصله إلى طريق الحق والصلاح.
ما أروع العطاء، فالعطاء قمة السعادة بل هو سر السعادة أن تسعد الآخرين، حين سأل د. ستيفن كوفى فى أحد البرامج التليفزيونية عن السعادة من وجهة نظره، قال: السعادة تكمن فى إسعاد الآخرين، وأن تفكر ماذا يمكن أن تقدم لمن حولك، وأن تدخل السرور والسعادة عليهم، فإنك أن سألت كثير من الناس عن هدفه فى الحياة قد يقول لك... إنه يريد أن يهتم بوالديه، أو أن يبنى مستقبلاً مشرقًا لأبنائه، أو أن يسعد زوجته وهى فى كل الحالات تتعلق بإسعاد الآخرين.يُحكى أن غانـدى كان يجرى بسرعة للحاق بقطار.. وقد بدأ القطار بالسير، وعند صعوده القطار؛ سقطت من إحى قدميـه الحذاء فما كان منه إلا أن خلع الأخرى، وبسرعة رماها بجوار الأولى على سكة القطار.
تأكدوا أن الناس فى الغالب تنسى ما نقول وفى الغالب ينسون ما نفعل لكنهم لا ينسون الشعور الذى يصيبهم بسببنا
لكل إنسان منظار وبصمة خاصة يرى بها الدنيا
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة