بقلم الدكتور حمدى النورج
المعهد العالى للنقد الفنى
حبيبي لا تجنح إلى إسدال أستار الحب بينك وبين حبيبك ، مهما تعطلت جرعات الحب المبثوثة . اترك نافذة تضيء مشاعر الدفء و روح التصافي . تذكر دائما هذه الروح المنفوخة فيكما ، روح شفافة نورانية هادئة ، هي جسر الحب والتلاقي والتغافل الباسم.
خيط رفيع بين معيارية الحب وشرف الحب واستقامته، لا تزعم حبا ما دمت أنك معيارى فيه، تعطي وتنتظر أن تأخذ ، ليس في الحب تجارة أو شطارة ، في الحب عطاء ممدود بلا حدود، أيضا لا تستبح لنفسك أن تقطف أزهار حبيبك ، دعها تتنفس وتحيا فلربما أسعدك نور تفتحها ، صباحا ضع بعضا من شذى روحه على روحك ، فامتزاج الورد بالياسمين يخلب قلوب الناظرين .
لا تطلب بوازع الحب ، ليس هذا من الحب إنه من معيارية الحب ، إذ سمح لك هو بذلك ، فإذا لم يسمح فاعلم أنك تقتل أزهار حبه باسم الحب الذي تزعمه ، والله لا يحب الزعم الزائف .
حبيبي حبنا مطروح في إطلاق الروح ، نتعلم فيه من النسيم والطيور وحبة المطر البكر ، في ابتسامة الطفل الذي تنهره ثم هو يضحك لك. نعم في الحب وجود ، وفي الوجود حب ، لكن معياريته مشينة . أحب بلا حدود بلا مقابل بلا خطيئة، لا تختبر حبيبك بلؤم طبعك ، دع تجارب الحياة تثبت شفافية العلاقة ، قدم له ولا تنظر ما بيديه ، لا تنتظر ما سوف يقدمه لك ، أرخ سدائل روحك على روحه، امنحه دفئا وحبا ونصحا ومعونة ولا تنتظر ، إذ ربما لا يملك ما يقدم غير أن يأخذ بحب الروح ما أعطيته.
حبيبي نحن مجبولون على كلمة (أحبك) يضحك الطفل على إيقاعها الصادق ونعومتها الخلابة ، وهي الكلمة التي بها يمنح الأب الطفل نفسه جرعة اتصال حية عندما يرفعه ليقبله ، هي الكلمة نفسها التي يشتاق إليها الأب عندما يكبر قليلا فيصافيه الابن بقبلة رضا وتقدير ، هي حضن الصديق الحي المحب ، هي نفسها الكلمة الشاملة العامة للرحمة والألفة والسكينة ، وهي أعظم ما يقدمه كل عاشق لحبيبه ...
إني أحبك ، هي الكلمة نفسها التي عاشت البشرية تنشدها وتدعو لها تعلما وتخلقا وتعاملا ،
حبيبي ..الحب هو الحارس لأرواحنا في الصغر والكبر ، في الضيق والفرج ، في العسر واليسر ، في الفتح والمنع ، في القلة والكثرة ، في الإطلاق والتقييد ، في البسط والقبض ، أما تجار الحب فتمتعهم بشذاه غلب تمتعهم بأصله ، والتمتع بالفرع لا يعول عليه ، تجار الحب لا يسكنون بساتينه ، حب بمقابل حب لا يقابل ، يحبهم ويحبونه هي الرسالة العظمى الباقية .
حبيبي إني أسكن بستان روحك حاضرا وغائبا لأني أحبك ، فشكرا لروحك التي أسكنتي مخدعك السري . وأباحت لي تجليات حكمتك عندما تقول ناصحا ...مر بسلام وضع أزهار روحك تنير طرقا للعارفين .
قال أنتم هكذا ، تتكلمون كلاما شفافا غير واقعي ـ قل لي من يملك هذه المشاعر التي تحكيها وتحكي عنها ، الدنيا مصالح والشاعر يقول :
مصالح الناس بين الناس صانعة ...ماليس تصنعه الآحاد والجمع
قلت : نعم ..
وهل في التقائنا إلا الحب ، حتى وإن تبادلنا نفعا ،أولها أن أنظر لصفحة وجهك الشفافة فأرى الله فيها ، أنظر إلى روحك الباسمة فأضحك ، وإلى بسمتك الصافية فابتسم ، نزيح الهم ونزرع الحب والأمن ، لقد كان خطاب إبراهيم عليه السلام لربه خطاب حب ، إنه خطاب الحب الصادق الجميل ، يارب أرني أنظر إليك ، لقد كان عليه السلام محبا فانيا أظمأه الحب حتى طلب الارتواء بالنظر ، ألا تحب أن تنظر إلى من تحب ؟ قال إليك ملكوت السماوات والأرض ، انظر فأنا فيها .
تجلى الله المبدع الذى خلق الحب ، وأباح لنا أن نتعلم كيف نحب من بدائع الصنعة ، تجلى الله المحبوب الأكبر ...يا عبادي أنتم أحبابي لذا أبحت لكم صحائف إبداعي ، ورقة إيجادي ، لذا وجب أن تحبوا ، أحبوا تتفتح الزهور ...كان أحد المارة يمر في نهار مشمس حاد عندما زعق بصوت أخضر الله الله ( هنا تسكن أرواح أهل الحب ، خير شاهد على التعمير ) .