تقرير احمد رشدى
بينما كان المسلمون يؤدون صلاة الجمعة وكان الأقباط فى طريقهم إلى أحد الأديرة لإقامة قداسهم،انهالت عليهم سهام الغدر فأصابت المسلمين قبل أن تصيب المسيحيين" حيث استهدف الإرهاب الغادر اتوبيس يقل عددًا من الأخوة المصريين الأقباط المتجهين فى رحلة دينية من محافظة بنى سويف إلى محافظة المنيا..
المفاجأة أن عاطف منير زكي 66 عاما مواطن مسيحي أحد ضحايا الحادث ترك وراءه قصة إنسانية تجسد قيمة التسامح والتعايش بين الأديان.
القصة يرويها الباحث القبطي عز توفيق، ويقول إن عاطف يعمل مقاولا للبناء في مدينته أبو قرقاص بالمنيا، حيث يقوم بتوفير العمال والمعدات والمؤن اللازمة لبناء أي مبنى.
ويضيف قائلا إنه ذات يوم كان مسجد التقوى بشارع التقوى بمدينة أبو قرقاص يحتاج لصيانة في بعض منشآته التي تصدعت، وتم إسناد المهمة للمقاول عاطف الذي جمع عماله ووفر المعدات والمؤن اللازمة ونفذ عملية الصيانة على أفضل ما يكون، وعندما قامت إدارة المسجد بتوفير مستحقاته رفض تقاضيها، قائلا إنه ساهم في بناء بيت من بيوت الله، وقام بعمله تبرعاً للمسجد وإكراما لله ولدين الإسلام.
في صباح يوم الجمعة الذي وقع فيه الحادث لم يكن مقررا أن يذهب عاطف للدير كما يقول عز توفيق، بل إنه استقل سيارته وذهب مع أحد عماله للدير لنقل دارجة نارية للعامل تعطلت هناك، وفور وصوله لمدق الدير وجد عمالا يسيرون على أقدامهم متجهين للدير وسط الحر الشديد فطلب منهم الركوب معه في سيارته.
ويكمل عز قائلا: ما حدث أن الإرهابيين أعجبوا بسيارة عاطف خاصة أن سيارتهم تعطلت وغرست في الرمال وكان يصعب عليهم الهروب سيرا على أقدامهم، فاستوقفوا سيارة المقاول عاطف وأنزلوا كل من فيها من العمال وأطلقوا عليهم النيران وسرقوا السيارة وفروا هاربين.
ويضيف عز إن جنازة ومراسم تشييع جثمان عاطف منير كانت حاشدة ومهيبة وشارك فيها عدد كبير جدا من المسلمين، فعاطف لم يكن متعصباً أو متطرفاً بل كان يحب كل الأديان لأنها رسالات الله.
استقرار مصر
يدين الإمام الأكبر الدكتورأحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بشدة الهجوم ويؤكد الأزهر الشريف أن هذا العمل الإرهابى الجبان يخالف تعاليم كافة الأديان السماوية والتقاليد والأعراف الإنسانية التى تجرم قتل الأبرياء، مشددًا على أن مرتكبى مثل هذه الأعمال جبناء تجردوا من أدنى معانى الإنسانية، فضلًا عن كونهم بعيدون تماما عن تعاليم الأديان التى تدعو إلى التعايش والسلام ونبذ العنف والكراهية والإرهاب.
ويدعو الأزهر المصريين إلى الوقوف صفًا واحدًا فى مواجهة هذا الإرهاب الأسود، مجددًا دعمه لكافة الإجراءات التى تتخذها أجهزة الدولة فى مواجهة جماعات التطرف والإرهاب للقضاء على هذا الإرهاب الغاشم واقتلاعه من جذوره.
والأزهر الشريف إذ يدين هذه الجريمة الإرهابية البشعة فإنه يعرب عن خالص تعازيه لجميع المصريين وأسر وذوى الأبرياء الذين قضوا جراء هذا الحادث الأليم، متمنيًا الشفاء العاجل للمصابين.
وأدان الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامى الحادث مؤكداً أن الإسلام أمرنا بالتسامح وبالبر لغير المسلمين ..والإرهاب لا يفرق بين مسلم وغير مسلم ومن قاموا بهذه الجريمة يستهدفون مواطنين مصريين، بغض النظر عن العقيد، فنحن أخوة فى الوطن،
وأضاف : باسم قناتي الفتح، قناة الفتح للقرآن الكريم وقناة السنة النبوية ندين هذا الحادث، وما حدث يعد جريمة، والله تعالى لم يأمر بقتال غير المسلمين، بل أمرنا بالتسامح، وهذه أيام مباركة ونستقبل رمضان، الوطن فيه هموم ومشاكل ومصائب كثيرة والدولة تمر بظروف صعبة، ولست أدرى ماذا يريدون، لا إسلام ولا إيمان ولا قرآن ولا سنة توصى بقتل الأبرياء، أكانوا مسلمين أو غير مسلمين، حتى لو كانوا كفارا وأعلنوا كفرهم بواحا، لا يجوز لك أن تقتلهم، لأنهم ليسوا فى حالة حرب معك، ما حدث فى المنيا هو استهداف لأمن الوطن والمواطنين، الهدف منه بث الرعب فى نفوس الناس، وايصال رسالة للخارج أن مصر غير آمنة مستقرة.
وقال إنما هى دماء تنزف على قارعة الطريق، والناس فى حالهم، كانوا آمنين، ذاهبون إلى عملهم أو إلى كنيستهم " لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ " ، ليس فقط أن اترك المسيحي أو غير المسلم أن أتركه فى حاله، بل الإسلام يوجب أن تتود اليه وتبره ، وقال صلي الله عليه وسلم : إذا فتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة ورحما، هذه وصية النبى" ، يخترقونها ويدوسون عليها بالأقدام، والله سبحانه وتعالى يقول: "مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً " ،مرة ثانية لا نرضى بما حدث، وأي مسلم منصف، يعرف الإسلام ووصية النبي صل الله عليه وسلم لأهل الكتاب، لا يرضى بذلك، فنحن شركاء فى الوطن، اللورد كرومر يقول عشنا فى مصر لم نعرف المسلم من المسيحي، إلا عندما يذهب المسلم ليصلى في المسجد والمسيحي يذهب للكنسية، نوجه التعازي لهؤلاء الأبرياء، هؤلاء أناس آمنون، فليس لك أن تبيح القتل فيهم، وتهجم عليهم غدرا، وتقلتهم بهذه الصورة البشعة، ما كان الإسلام كذلك ولن يكون، وهذه رسالة غير طيبة، يسطرون بها صورة للإسلام غير حقيقة، والله ما كان الإسلام كذلك ولن يكون، ما الإسلام إلا أسبق إلى الرحمة، ويقول الرسول صل الله عليه وسلم: "من آذى ذمياً فقد آذاني"
أوضح الشيخ عمر الديب وكيل الأزهر الأسبق، على أن هذه الحادثة تدل دلالة بالغة على أن أعداء الوطن يتربصون بنا، من أجل خلق فتنة تأكل نيرانها المصريين جميعا.
وتابع الديب، ان هؤلاء الذين تجرؤوا واتخذوا منهجا مخالفا للإسلام، واعتدوا على الإخوة المسيحيين، الإسلام بريء منهم، ولا يمثلونه، فهؤلاء بغاة، يجب مواجهتهم، ومحاربتهم، مؤكدا على أن الإسلام ينهى عن فعل أي شيء من شأنه يلحق الضرر ويهدد النفس البشرية، وبشكل خاص الأقباط، لأنهم إخوة لنا لهم مالنا وعليهم ما علينا، وهم شركاء الوطن.
ومن جانبه شدد الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو وفد الأزهر الموجه من شيخ الأزهر لطنطا، على أن هذا الحادث الإجرامي، يهدف إلى إحداث فتنة طائفية تأكل ابناء الأمة المصرية، مسلمين ومسيحيين، ونحن نرفض هذه الأحداث رفضا قاطعا.
وتابع العواري، أنه يجب على المسلمين أن يقفوا بجانب إخوانهم الاقباط، ويؤمنوا كنائسهم، في مناسباتهم، ولعلنا نجد في تراثنا الإسلامي مواقف عديدة كان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون بزيارة كنائس الأقباط ويقدمون لهم التهنئة، وفي بعض الأحيان كان المسلمين يحمون كنائس المسيحيين، ولنا في خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أسوة في تعامله مع قبط مصر، ولنا أيضا في وصايا النبي كذلك، اسوة حسنة.
واعتبر الشيخ أحمد التركي، من علماء الأزهر الشريف، أن من قام بالعمل الإرهابي الخسيس عدو لله والرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين والإنسانية.
وأضاف: إن الله سبحانه وتعالى وعد بأن هؤلاء الإرهابيين سيكونون في قعر جهنم ولن يقبل منهم صلاة ولا عبادة.
وأشار إلى أن دور العبادة جميعها بيوت الله وليس للمسلم الحق أن يتدخل في ديانة أحد، مضيفًا: "لو سيدنا النبي عايش كان هيوصلهم الكنيسة بنفسه يا إرهابي".