يفر المصريون من زحمة المدن وحرها إلى المصايف وأجوائها الهادئة، حيث الاستجمام، الذي يقوم على إعادة الروح في النفوس وتجديده بالتنزه، والفرار من أعباء الحياة فالطلاب مكثوا طوال العام يذاكرون،
والعمال طوال العام في أعمالهم، فيأتي فصل الصيف للخروج من تلك الأعمال الروتينية، والقيود إلى الحياة المتحررة البعيدة عن كل القيود، حيث ألوان الأسماك الخلابة والصيد، وممارسة الرياضة المائية مثل السباحة والتي تعتبر واحدة من أفضل أنواع الرياضات من حيث السلامة والصحة؛ لأن الإنسان يعمل من خلالها على تحريك جميع أعضاء جسمه، فهي تخفف من ألام الظهر، وخفض ضغط الدم وخفض مستويات الكوليسترول، ثم ركوب السفن، والعجلات البحرية، فالمصيف عند المصري له طبيعة خاصة وسميت بالمصايف لأنها يُذهب إليها في فصل الصيف.
تحاط مصرنا الحبية ببحرين أساسيين هما البحر المتوسط والبحر الأحمر، ولكل منهما شواطئة الخلابة، فالبحر المتوسط شواطئه: «الإسكندرية، ومطروح، ومرسى علم، ومارينا العلمين، وجمصة، ورأس البر، وبلطيم، والعريش»، والبحر الأحمر و شواطئه: «شرم الشيخ، خليج نعمة، الغردقة، والجونة، وفايد، والعين السخنة، والطور، ورأس سدر، ودهب، ونويبع، وسفاجا».
تساهم المصايف في زيادة الدخل القومي لمصر لأن الكثير من السياح يأتون للتصييف في مصر حيث المناطق الخلابة، والشعب المرجانية المبهجة، والكثير منهم يأتي للسياحة الرياضية مثل الرياضات البحرية، والصيد، والسياحة العلاجية، التي تكون في الواحات مثل واحة «سيوه»، ومن هنا تساهم المصايف بشكل فعال في زيادة الدخل القومي لمصر، ولزيارة المناطق الحضارية الجميلة.
حكم وضوابط المصيف:
قال الشيخ فرج العادلي، الداعية الإسلامي، والباحث في الأزهر الشريف، في تصريح خاص لـ«الفتح اليوم»: إن المصيف حلال باتفاق في الأصل بضوابط، إلا إذا ارتكب المحرمات، فإذا فُعلت المحرمات حرم الحلال لما يتعلق به من محرمات، فمن هنا إذا خلا المصيف من العري والاختلاط فهذا لاشيئ فيه.
وأكد العادلي، أن الذهاب إلى المنتزهات والمصايف، وتعلم السباحة من الأشياء التي حثت عليها الشريعة الإسلامية، بشرط اجتناب المحرمات، موضحًا أن الإسلام لم يأت لمعاندة الفطرة فقد أباح إسلامنا العظيم الكثير من هذه الأمور التي تؤدي إلى الترويح عن النفس، فإذا وجدت أماكن للاستمتاع خالية من معصية الله «جل وعلا» فهذا لا شئ فيه.
وأشار العادلي، إلى أن هناك مخالفات يجب تجنبها في المصايف ومنها: «الاختلاط، وتشغيل مكبرات الصوت بالأغاني الماجنة الهابطة، وتضييع الصلوات بالكلية، الإسراف عند الخروج للمصيف فيلزم الأعتدال، ومنها تعريض النفس للتهلكة في حالة التعرض للشمس الحارقة مع الماء فهذا يجلب الأمراض، كما أن هناك أشخاص لايتعلمون السباحة فعند نزولهم الماء قد يغرقون والشريعة جاءت بـ: (لا ضرر ولا ضرار)، كما لا يفضل الذهاب للمصيف يوم الجمعة فتضيع الصلاة».
وأضاف الداعية الإسلامي فرج العادلي، على من يريد الذهاب إلى المصيف أن يرتدي الملابس الواسعة التي لا تبين الجسد، وأن تكون غير شفافة، وخاصةً للمرأة وأن تتجنب الجلوس مع غير محارمها، كما لا تكثر الضحك بصوت مرتفع.
الحالة النفسية المترتبة على الذهاب إلى المصيف:
قال الدكتور حسن الخولي، أستاذ الاجتماع والأنثروبولوجيا: الإنسان ينتعش نفسيًا خلال الفترة التي يقضيها داخل المصيف، فهي تعمل على الترويح عن النفس، والذي لا بد منه وخاصةً بعد عام كامل من العمل والمشقة، فالمصيف يعمل على الخروج به من النظام الروتيني الذي كان عليه الإنسان طوال العام، ويكسر حاجز الملل، ويعطي حافزًا قويا للعمل، فبعد هذه الإجازة يعود إلى العمل بنفس وروح جديدة تساعده على النشاط والعمل الجاد.
ونصح الخولي، المصيفين عامةً بأن يكون بالوضع المناسب في المكان المناسب، فملابس البحر لا يصح أن أذهب بها إلى السوبر ماركت، فالمصايف لها مظاهر خاصة تختلف عن غيرها، وأن يحافظوا على نظافة المكان الذي يجلسون فيه، وفي رسالة مهمة للشباب أوصى أن يلتزموا بالقيم الرفيعة بعيدًا عن الأخلاق المذمومة مثل «التحرش» وغير ذلك من الأمور المنهي عنها.
وقالت الدكتورة نوران فؤاد، أستاذ علم الاجتماع، بأن عادة المصيف هي من العادات القديمة عند الشعب المصري، والكثير من الشباب والفتيات الذين يذهبون للمصايف، يذهبون للتعارف وهذا له سلبيات كثيرة تنتج إثر الاختلاط.
كما أوضحت أن هذا يعود على المجتمع بالنفع فالكثير من الشباب «المراهقين» بداية من سن «10» يذهبون لجلب رزقهم، ومنهم من تكون مثل هذه التجمعات في فصل الصيف بمثابة موسم له، كما أنه يزيد من التعارف خاصةً وأن طبيعة الشعب المصري عاطفي فتجدهم يتبادلون الأطعمة والمشربات فيما بينهم وهذا يجعل روح التآلف تسود، كما تعمل على إعادة القيم التي كانت في أجدادنا وافتقدناها في مجتمعنا.