وصية الرسول صلى الله عليه وسلم:
حثَّ الإسلام على مواجهة الغضب بالدعوة إلى ضبط النفس، وكظم الغيظ، والعفو عن الناس، والامتناع عن الانتقام، وجعل النبى - صَلى الله عليه وسلم - القوة والبطولة فى ضبط النفس عند الغضب، فقال: «ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب».
يؤكد د.سالم عبدالجليل أن الغضب هو مفتاح كل شر، فهو يورث العبد العداوات والأحقاد التى تنغص عيشه وتكدر صفوه، ثم إنه يفتح الباب لتحكم الشيطان فى الغضبان، فيجعله يفعل ويتكلم بما يندم عليه إذا انطفأت نيران غضبه.
قال مجاهد رحمه الله: «قال إبليس لعنه الله: ما أعجزنى بنو آدم، فلن يعجزونى فى أمرين: إذا سكر أحدهم أخذنا بخزامته فَقُدناه حيث شئنا، وعمل لنا بما أحببنا، وإذا غضب قال بما لا يعلم، وعمل بما يندم.
وقال إبن القيم رحمه الله: دخل الناس النار من ثلاثة أبواب: باب شبهة أورثت شكًّا فى دين الله، وباب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته، وباب غضب أورث العدوان على خلقه.
ويشير إلى أن الغضب منه ما هو مذموم، ومنه ما هو محمود، والغضب المحمود هو ما كان لله تعالى عندما تنتهك محارمه، وهذا النوع ثمرة من ثمرات الإيمان إذ أن الذى لا يغضب فى هذا المحل ضعيف الإيمان، وتظهر ثمرة الغضب هنا بالأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، والرد على الشبهات.
أما الغضب المذموم فهو ما كان فى سبيل الباطل والشيطان كالحمية الجاهلية.
علاج الغضب
ويضيف: ويعالج الغضب بعدة أمور أولها الاستعاذة بالله من الشيطان قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، «سورة فصلت: الآية 36»، وعن سليمان بن صرد - رضى الله عنه - قال: كنت جالسا مع النبى - صلى الله عليه وسلم - ورجلان يستبان فأحدهما أحمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال النبى «إنى لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد»، ومن سبل علاج الغضب أيضًا تغيير الحال.
فعن أبى ذر - رضى الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضجع»، وكذلك الوضوء، فعن عطية السعدى رضى الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ».
ويشدد د.سالم على ضرورة استحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ عند الغضب، فمن استحضر الثواب الكبير الذى أعده الله تعالى لمن كظم غيظه وغضبه كان سببا فى ترك الغضب والانتقام للذات، وبتتبع بعض الأدلة من الكتاب والسنة نجد جملة من الفضائل لمن ترك الغضب منها الظفر بمحبة الله تعالى والفوز بما عنده قال تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). كما أن ترك الغضب سبب لدخول الجنة، فعن أبى الدرداء رضى الله عنه قال: قلت: يا رسول الله دلنى على عمل يدخلنى الجنة.
قال: «لا تغضب ولك الجنة»، وعن أنس رضى الله عنه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن كظم غيظا وهو يقدر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره فى أى الحور شاء».
ويطالب كل مسلم بالعمل بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتى جاءت فى حديث عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلا قال للنبى - صلى الله عليه وسلم - أوصني.
قال «لا تغضب»، وهذا الحديث يتضمن التمرن على حسن الخلق، والحلم والصبر، وتوطين النفس على ما يصيب الإنسان من الخلق، من الأذى القولى والفعلي.
ضبط النفس وكظم الغيظ قوة.. والغضب مفتاح كل شر
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة