الرسول حث على الاعتدال والابتعاد عن الغلو

العالم الإسلامي
طبوغرافي

التيسير على الناس من أهم مظاهر الرحمة فى سيرة سيد البشر

يعتبر التيسير على البشر من أهم مظاهر الرحمة فى سيرة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد كثرت أحاديثه وأقواله التى تحض على التيسير. ودعا النبى الكريم إلى التيسير فى أكثر من حديث، وما خُير صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، وذلك لأن اتباع الأيسر هو الأرحم بالنفس، والأرفق بها، والأفضل عند الله. كما تقول الدكتورة آمنة نصير - الأستاذ بجامعة الأزهر.

امنة

وتؤكد أن السنة النبوية تدعو إلى الوسطية والاعتدال، فقد روى عن أنس بن مالك رضى الله، أن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا»، أى اسلكوا ما فيه اليسر والسهولة فيما يتعلَّق بأعمالكم، ومعاملاتكم، وعباداتكم، وفى المقابل نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن اتباع طرق العسر فى العبادات، والمعاملات رفعًا للمعاناة، ودفعًا للمشقة فى حياة الإنسان، ونهى أيضًا عن التنفير الذى يؤدى إلى حدوث المشقة والمعاناة، ومن أمثلة ذلك عدم الإطالة فى صلاة الجماعة ومن ذلك قوله، صلى الله عليه وسلم: «إن منكم منفرين فأيكم أَمَّ الناس فليخفف».

الغلو 5

وتضيف د. آمنة: والمقصود بالاقتصاد فى العبادة أن يأخذ الإنسان منها ما يطيق المداومة عليه، وفى ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم وإن قل». وفى رواية «أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل»، وفى هذين الحديثين وغيرهما حث على الاقتصاد فى العبادة، والأخذ من العبادة ما يطيق الإنسان الدوام عليه بلا ضرر، وهو من باب كمال رحمته وشفقته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته، حيث أرشدهم إلى ما يصلحهم، وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة، ولا ضرر بهدف تخفيف العبادة ومجانبة التشدد، والقليل الدائم خير من الكثير المتقطع، حيث بدوام التعليل تدوم الطاعة والذكر، والمراقبة، والنية، والإخلاص، والإقبال على الله سبحانه وتعالى.

الغلو 8

ومن وجوه الحث على الاقتصاد فى العبادة، والنهى عن التعمق والتشديد، والأمر بالإقبال على العبادة بنشاط وخشوع أنه إذا فتر الإنسان فليقعد حتى يذهب الفتور، وإذا نعس فليرقد حتى يذهب عنه النوم، وفى هذا يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا نعس أحدكم فى الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه».

والصيام فى الإسلام أفضل من حيث الكمية لأنه لم يطل فيُمل كصوم الرهاب، ولم يقصر فيقل كصوم المجوس، وعن أنس رضى الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي، صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالُوها وقالوا أين نحن من النبى صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فأصلى الليل أبدا، وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنى لأخشاكم الله وأتقاكم له لكنى أصوم وأفطر، وأصلى وأرقد، وأتزوج النساء: فمن رغب عن سنتى فليس مني».

الغلو 7

والحديث يؤكد ضرورة الاقتصاد فى العبادة، وفى جميع الأمور لأن الإنسان إذا قصر فاته خير كثير، وإذا شدد، فإنه سوف يكل ويعجز ويرجع، والاقتصاد فى العبادة من سنن النبي، صلى الله عليه وسلم فلا ينبغى على الإنسان أن يشق على نفسه، بل يرحم نفسه.

الغلو 6

وروى عن الرسول، صلى الله عليه وسلم قوله: «والذى نفسى بيده لو تدومون على ما تكونون عندى وفى الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفى طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة»، (رواه مسلم)، والمعنى ساعة للرب عز وجل وساعة للأهل والأولاد وساعة للنفس حتى يعطى الإنسان نفسه راحتها ويعطى ذوى الحقوق حقوقهم.