الحج وقصد السبيل

العالم الإسلامي
طبوغرافي

بقلم/ ممدوح السباعي.. الإعلامي والإذاعي الكبير.

الحج هو القصد وتعريفه شرعًا القصد لبيت الله الحرام لأداء المناسك للركن الخامس من أركان الإسلام الحنيف بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بًني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، والمتأمل يجد أن الركن الأول شهادة تنطق باللسان هي الأصل لكل العقائد ومنها تخرج كل العبادات والركن الثاني أفعال وأقوال تبدأ بتكبيرة الإحرام وتنتهي بالسلام وفي غاية قرب من الرحمن "واسجد واقترب" ومن عاين القرب هان عليه ما لديه فأخرج ركن الزكاة.. ومن تطهر بهذا الإخراج ارتضى الحرمان والصوم حرمان مشروع ثم سار بالكلية إلي قصد رب البرية باستطاعة قلبية قبل أن تكون مادية، فدعوة الخليل في القرآن الكريم "فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليه"...

ولنتدبر الحج أولا من كونه القصد ولأن المقصود هو الله كان التجريد مع النية وأول الأركان مع نية الحج هو الإحرام والإحرام لفاف بغير مخيط يشبة الأكفان، ويتساوى فيه كل بني الإنسان في لون واحد بلفاف واحد لا تفصله طريقة للحياكة أو الخياطة ولا يميزه زي يقصد به مكان عن مكان فالكل في لفاف والقصد هو الديان وأعبد العبادات في الحج هو حفاظ الحج على كونة حج في نطقه وحركته في قلبه وبدنه في فعله وأعماله فكفاه أن يحفظ النفس من الأهواء لقول الرسول الكريم من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق عاد كما ولدته أمه؛ إذ أن رفعه لمضرة نفسه كافية لأن يؤتى من الله أجرا بأن يعود كما ولدته أمه.
وهنا يوم ميلاد الطفل لا ذنب له ولا حسنة عنده ولا تكليف عليه فهو على الفطرة لقول رسول الله "وما مولود إلا ويولد على الفطرة" إذا ما النتيجة التي يصل إليها هي أن وجوده في الحج في كنف ربه وفي تدبير مولاه كما أن الجنين في رحم أمه وكأن الحاج كنف رحمات ولطائف تعيد الإنسان إلى فطرته الأولى في البراءة التامة وفي الرحمة الخاصة والعامة.
وتأمل منزلة الإنسان عند الرحمن ستجد أن آثار أقدام الخليل على الحجر أمر الجليل فى موطنها ومكانها أن تكون مقام وأمرنا بالصلاة فيه (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) فالأمر للأنبياء فقط فما كانت هاجر بنبية لكنها امراة صادقة تقية أحسنت التوكل على رب البرية حين قالت "أأمرك ربك بهذا يا إبرهيم" قال نعم قالت إذا لن يضيعنا وبحثت في الأسباب فصعدت إلي جبل الصفاء تبحث عن عين ماء لرضيعها وصارت حتى صعدت المروة ولما غابت عيناها عن وليدها هرولت في سيرها وسبحان الله جعل خطاها شعيرة لله. فتأمل فعلة امراة صادقة صارت نسكا لكل حاج ومعتمر، وحركتها في الأسباب بحثا عن الماء بعد يقينها بربها وحسن ظنها جعل الله فعلتها قرآن ونسبت إلى الرحمن أن الصفا والمروة من شعائر الرحمن.