من علوم القرآن وآدابه: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان ))

العالم الإسلامي
طبوغرافي

عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان يبكى ، يقول: يا ويلى أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة ، وأُمرت بالسجود فأبيت فلى النار)) .
(صحيح مسلم (115) باب الإيمان)
لا زلنا نتناول من أحاديث النبى العظيم (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه) ما يتصل بالقرآن العظيم بحفظه وبتلاوته وبحبه وبمتابعته ، عن أبى سعيد رضى الله تعالى أنه رأى رؤيا ، وقد ذكرنا الفرق بين الرؤيا والمنام ، فإن الرؤيا صادقة من الله عز وجل ، أنه رأى رؤيا؛ ماذا رأيت يا أبا سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنك؟ رأى أنه يكتب سورة (ص) ، فهناك من الناس يحبون أن يكتبوا المصحف ليس لكى يُطبع، ولا هو ناشر ولا موزع كتب، يجلس يكتب المصحف مستمتعاً بكتابته؛ ولذا ذكرنا من قواعد حفظ القرآن الكريم كتابة اللوح الجديد .

فأبو سعيد رضى الله عنه رأى فى الرؤيا أنه جالس ومعه قلم أو معه محبرة ، ومعه ريشة، ويكتب سورة (ص) حتى وصل

إلى سجدتها فى قوله تعال: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) (ص:24) . ((خر)) هذا

معنى السجدة، فلما بلغها أبو سعيد أى السجدة رأى الدواة التى يكتب منها والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجداً

قال: فقصصتها على النبى (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه) . فأبو سعيد رضى الله عنه عندما رأى الرؤيا من باب

الحديث بالنعمة والاسترشاد بهديه (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام)؛ هنا مسألة لطيفة ، وهى أن سجود القلم

وسجود الدواة ، وكذلك سجود الفواكه والنخيل والأشجار والسموات والشمس والقمر كل هذه الأمور حادثة كما فى قوله

تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِى الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ

وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (الحج:18) .

أى ألم تعلم- أيها النبى – أن الله سبحانه يسجد له خاضعاً منقاداً من فى السموات من الملائكة ، ومن فى الأرض من

المخلوقات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب ؟ ولله يسجد طاعة واختياراً كثير من الناس ، وهم

المؤمنون ، وكثير من الناس حق عليه العذاب فهو مهين ، وأيُ إنسان يهينه الله فليس له أحد يكرمه . إن الله يفعل فى

خلقه ما يشاء وفق حكمته .

فهذه أمور ينبغى أن تقبلها؛ لأنها موجودة فى القرآن العظيم ، فماذا ما جاءت فى السنة فإنها ليست بعيدة عن هدى الله

تعالى، وعن هديه الشريف (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام) ((فلم يزل يسجد بها)) (رواه الإمام أحمد ورواته من

رواة الصحيح) .