الصدفة لا يمكن أن تبنى عليها حدثًا مهمًا فى حياتك

العالم الإسلامي
طبوغرافي

خامسًا: الصدفة
هناك بعض الشبهات التى يركز عليها الطبيعيون الملاحدة وهى “قانون الصدفة”، يقولون: إنهم شاهدون فى الحياة -بطريق الصدفة- أشياء يتجانس بعضها مع بعض، ويتفاعل ويتراكب بعضها مع بعض، فتصير شيئًا له قيمة، فلِمَ لا يبدأ الكون بطريقة المصادفة على حد اعتقادهم بين أشياء معينة وأشياء معينة يركب ويتداخل بعضها مع بعض حتى تصير هناك حياة بالصدفة؛ لأن البداية كانت بالصفة، فالشمس تُشرق الساعة كذا، والقمر يغيب الساعة كذا... كل هذا بالصدفة.

نقول لهم: هذا غير صحيح، وأريد منك أن تعطينى من حياتك أى صدفة أو مصادفة يمكن أن نبنى عليها حدثًا مهمًّا، أريد منك أى مصادفة يمكن أن تأخذك هذه الصدفة إلى بناء الكون! ثم إن افتراض المادة التى خلق منها الكون كما يقول الطبيعيون إن هناك مادة اشتق منها الكون فهو لا يعتقد فى الله، بل الكون يبدأ من المادة التى تخلق نفسها بنفسها عن طريق الصدفة، وعن طريق التفاعلات، وأثبتوا هذا النظريات، وحاولوا إقناع الناس بها، وأنا فى هذا المبحث أرد على هذا الكلام، وأرد على هذه الشبهات.

يقول الطبيعيون: إن هناك مادة محاسة، وهذا المادة ظهرت منها الحياة النظرية المادية فى نشأة الحياة، فهناك مادة معينة لها طبيعة وخصائص، وهذه المادة انفجر منها الكون، وبدأ منها، وهذا المادة خلقت نفسها بنفسها، وتفاعل بعضها مع بضع حتى صارت شيئًا عملاقًا.

نقول لهم: نفترض صحة هذا الكلام، ونفترض أن هناك مادة محاسة بدأت منها الحياة، هذه المادة خلقت ماذا؟ وماذا يمكن أن تخلق؟ هذا المادة من جنس ماذا؟ هل من جنس حيوانى أم نباتى أم جبلي؟ وما نوعها؟ هل هلامية أم صلبة أم سائلة؟ أرجوك أن تسمى لى هذا المادة.

قالوا: الكون نشأ عن طريق الصدفة... حيث إن المواد الكيميائية الموجودة فى العالم أخذت تتفاعل وتتطور ثم أخذت تتحد وتتكون مع بعضها شمسًا وقمرًا وأرضًا وسماءً وغلافًا جويًّا وكواكب ونجوم... إلخ.

قلت له: مَن الذى أوجد هذه الكائنات والأشياء؟
قال: هى موجودة مِن نفسها.

قلت: مستحيل، هناك أربعة احتمالات لوجود هذه الكائنات.
قال: وما هي؟ علِّمْنِي!
قلت: الاحتمال الأول: أن تخلق هذه الأشياء نفسها.

الاحتمال الثاني: أن تكون موجودة منذ القِدَم.
الاحتمال الثالث: أن لا تكون موجودة!
الاحتمال الرابع: أن يكون خلقها أحد آخر.
فأى الاحتمالات أقرب إلى قلبك أيها الملحد؟
قال: الاحتمال الأول. فهذه الأشياء خلقت نفسها بنفسها.

قلت له: هذه الأشياء غير عاقلة، وبذلك فهى لا تستطيع أن تخلق أشياء أخرى؛ لأنها غير عاقلة، وغير قادرة على التفكير والابتكار والإبداع، والخلق والإيجاد يحتاجان إلى تفكير وإبداع وابتكار، وهذه الأشياء عاجزة عن الخلق.

قال: كلام منطقي!
قلت: إذن الاحتمال الرابع هو الأقرب للمنطق والعقل، والأدلة المنطقية الرياضية تؤيد هذا. وبالتالى فالكون لم يخلق نفسه بنفسه لأنه عاجز عن ذلك تماما، ولا بد من وجود أحد آخر يقوم بعملية الخلق.

قال: كلام صحيح.
قلت: ولا بد أن يتصف هذا الآخر بأنه قوى وعالم وخبير؛ كى يستطيع أن يبتكر ويبدع ويخلق... وهذه الصفات موجودة فى الرب العظيم الخالق الذى نعبده.

إذن يستحيل أن تكون الصدفة موجودة فى الكون، على الأقل وقت النشأة، ربما تكون الصدفة موجودة فى حياتنا مرات معدودة، كبعض الأحداث العابرة، لكن الله تعالى يقذف فى قلوب الناس بعض الأشياء ليفهموا أنه المعلِّم، لكن أن تكون الصدفة أساسًا فى صناعة الكون والحياة فهذا يستحيل، وأذكركم أن كل شيء تنطبق عليه الصدفة يؤدى إلى الخراب.