القدوة الصالحة ونماذج محتسبة

العالم الإسلامي
طبوغرافي

معنى جميل أن يحمل الإنسان هذه المرتبة وهى مرتبة الصبر والاحتساب، لا بد أن تستمر على الصبر فى حياتك احتسابا لله لا تسخط مما قدره الله عليك، وفى الوقت نفسه لا بد أن تكون مخلصًا، لأنك تعمل أعمالك لله لا للبشر.
مرتبة الصبر والاحتساب الذين تميزوا فيها قليلون لا بد أن يكون لسان حالك فى مواجهة مشقات الحياة: حسبى الله، لا إله إلا الله، توكلت على الله, وهو رب العرش العظيم، حسبى الله، أحتسب قوتى وعافيتى لله .
فى بيان الاحتساب فى الأعمال يقول ابن الأثير رحمه الله تعالى: ((الاحتساب فى الأعمال الصالحة، وعند المكروهات؛ هو البدار إلى طلب الأجر، وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر، والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبًا للثواب المرجو منها)).

* وللاحتساب فوائد عديدة نذكر منها:
1- أنه دليل كمال الإيمان، وحسن الإسلام، وهو علامة على صلاح العبد واستقامته.
2- سبب للفوز بالجنة والنجاة من النار، وحصول السعادة فى الدارين.

3- الاحتساب فى الطاعات يجعلها خالصة لوجه الله تعالى، وليس لها جزاء إلا الجنة، ويبعد صاحبه عن شبهة الرياء، ويزيد فى ثقته بربه.

4- الاحتساب فى المكاره يدفع الحزن، ويجلب السرور، ويضاعف أجر الصبر عليها، ويحول ما يظنه الإنسان نقمة إلى نعمة.

5- الاحتساب فى الطاعات يجعل صاحبه قرير العين، مسرور الفؤاد بما يدخره عند ربه؛ فيتضاعف رصيده الإيماني، وتقوى روحه المعنوية.

6- الاحتساب دليل الرضا بقضاء الله وقدره، ودليل على حسن الظن بالله تعالى.

الصحابة رضى الله عنهم انكسروا يوم أحد وجاءتهم فرصة لاسترداد الأنفاس فى غزوة استعراضية لم تكن فيها حر ولا قر ولا مفر، ولكن الصحابة عبروا عن حبهم لهذا الدين فخرجوا وجروحهم تنزف دمًا.

{مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [آل عمران: 172] الألم البدنى والنفسي، ورغم ذلك خرجوا محتسبين لله، وما كان قولهم إلا : (حسبنا الله ونعم الوكيل)، ولكنهم خرجوا محتسبين الأمر لله، وهذا أسلوب استعانة بالله سبحانه وتعالى من يملك النفع والضر، فماذا كانت النتيجة مع الاستعانة بالله سبحانه كانت النصر العظيم والثبات، ومعنى كلمة حسيب أن الله ناصر ومعين .

سيدنا إبراهيم – عليه السلام – حينما ألقى فى النار ألهمه الله – سبحانه – أن يقول فى هذا الموقف : حسبى الله ونعم الوكيل، لقد استعان بالحسيب الذى قدر كل شيء.

أنت لا توكل بشرا وتعطيه تفويضًا ليفعل لك الأصلح، ولكنك تتتخذ رب العالمين وكيلا وكفيلا، تفوض إليه أمرك كله وترجع إليه الأمر كله، الله سبحانه وتعالى – هو خير وكيل لك، وخير كفيل لك، وخير حسيب لك، فالله سبحانه وتعالى – هو الذى نظم كل شيء، وهو نعم الوكيل .

وحينما يقول المرء هذه الكلمة فى مجتمعنا المعاصر (حسبنا الله ونعم الوكيل) يظنها الناس حسبنة على فلان، أو دعاء على فلان، والصواب أنها جملة دعائية، اجعل هذه الكلمة على لسانك فى كل وقت وحين وبعد كل صلاة، واجعل الله حسبك فى كل مكان، قل : الله حسبى فى حياتى وفى مماتى وفى قبري، وعند الصراط، وعند الميزان، وفى عرصات يوم القيامة.

هذه التحصينات الإيمانية التى يتحصن بها المسلم من كل شرور الحياة والممات من السحر والمس والحسد والفقر والمرض والهم والغم الله حسيبك فى حياتك كلها، وفى مماتك، وهل لنا غير الله فى الدنيا والآخرة .{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِى اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129].