رجل وافقه القرآن فى ثلاثة مواضع

العالم الإسلامي
طبوغرافي

كان ثابت بن قيس رضي الله عنه من نجباء أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، أمه هند الطائية، أسلمت وكانت ذا عقل وافر، ولم يشارك في غزوة بدر، ولكنه شهد أحداً وبيعة الرضوان، وقد بشره النبي أكثر من مرة بالجنة. ولما نزل قول الله تعالى: (انّ اللّهَ لا يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُور)، «لقمان: الآية 18»، أغلق ثابت بن قيس باب داره وجلس يبكي، حتى دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله عن حاله، فقال ثابت: «يا رسول الله، إني أحب الثوب الجميل، والنعل الجميل وقد خشيت أن أكون بهذا من المختالين، فأجابه النبي وهو يضحك راضياً: انك لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير وتدخل الجنة»، ولما نزل قول الله تعالى: (يا أيُّها الذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْوَاتَكُم فَوْقَ صَوْتَ النّبِي، ولا تّجْهّروا له بالقَوْلِ كجَهْرِ بَعْضكم لبَعْض، أن تَحْبِطَ أعْمَالكُم وأنتُمْ لا تَشْعُرون)، «الحجرات: الآية 20»، أغلق ثابت عليه داره وطفق يبكي، وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم من يدعوه وجاء ثابت وسأله النبي عن سبب غيابه، فأجابه: «إني امرؤ جهير الصوت، وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسول الله، وإذن فقد حبط عملي، وأنا من أهل النار. فأجابه الرسـول صلى اللـه عليه وسلم: انك لست منهم بل تعيش حميداً وتقتل شهيداً ويدخلك الله الجنة، فقال: رضيتُ ببُشرى الله ورسوله، لا أرفعُ صوتي أبداً على رسول الله». فنزلت الآية الكريمة: (إنَّ الذينَ يغُضُّونَ أصواتَهُمْ عندَ رَسولِ الّله أولئِكَ الذَّينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلوبَهُم للتَّقْوَى، لهم مَّغْفِرةٌ وِأجْرٌ عَظِيمٌ)، «الحجرات: الآية 3».

ويروى أن رجلاً من المسلمين مكث صائماً ثلاثة أيام يمسي فلا يجد ما يفطر فيصبح صائماً حتى فطن ثابت بن قيس، فقال لأهله: إني سأجيء الليلة بضيف لي، فإذا وضعتم طعامكم، فليقم بعضكم إلى السراج كأنه يصلحه فيطفئه، ثم اضربوا بأيديكم إلى الطعام كأنكم تأكلون فلا تأكلوا حتى يشبع ضيفنا، فلما أمسى ذهب به فوضعوا طعامهم فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه فأطفأته، ثم جعلوا يضربون أيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون حتى شبع ضيفهم، وإنما كان طعامهم ذلك خيره هو قوتهم، فلما أصبح ثابت غدا إلى رسول الله فقال: يا ثابت لقد نزل فيكم وفي ضيفكم قول الله تعالى (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، «الحشر: الآية 9».

ومن مواقفه أيضاً قال الزهري: قدم وفد بني تميم وافتخر خطيبهم بأمور، فقال النبي لثابت بن قيس: «قم فأجب خطيبهم»، فقام وحمد الله وأبلغ، وسرَّ رسول الله والمسلمون بمقامه وكان مما قال ثابت: «والحمد لله الذي السماوات والأرض خلقه قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه، ولم يك شيء قط إلا من فضله، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكاً واصطفى من خيرة خلقه رسولاً، أكرمهم نسباً وأصدقهم حديثاً، وأفضلهم حسبا، فأنزل عليه كتابه وأتمه على خلقه، فكان خيرة الله تعالى من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان به فآمن برسول الله المهاجرون من قومه ذوي رحمه أكرم الناس حسباً، وخير الناس فعالا.