قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس: 57: 58)
فى البداية أيها الإخوة أحب أنوه على أمر مهم:
الناس يعتقدون اعتقادا خاطئا بأن الطب النبوى هو مجرد أعشاب فقط، عشبة كذا لألم أو مرض كذا، وهكذا، فهذا مفهوم خاطئ، ولكن الطب النبوى الذى جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم هو فى اتباع سنة النبى صلى الله عليه وسلم فى كل شيء، فأذكار الصباح وقاية للمسلم فى بداية يومه، وأذكار المساء وقاية للمسلم فى ليلته، وأذكار النوم وقاية للمسلم فى نومه، والقرآن شفاء للمسلم وراحة لصدره، ... وهكذا، فالطب النبوى هو فى اتباع هدى النبى صلى الله عليه وسلم فى كل شيء، ليس فقط مجرد تناول الأعشاب والأطعمة التى حث عليها، ولكن مجرد اتباعه فقط فهذا شفاء من عند الله تعالى.الجانب النفسي في الطب النبوي:
إن الأمراض النفسية أيها الأحباب هى أشد وأخطر الأمراض على الإنسان لأنها تأتى له بسبب الضغوطات المعيشية والأمور الحياتية الصعبة، فيزداد الإنسان مرضًا كلما زاد اهتمامه بتلك المشكلات وعدم استطاعته السيطرة عليها، فيأتى إلينا الطب النبوى ليكون خير علاج للأمراض والضغوطات النفسية التى قلما يوجد لها علاج فى الطب الحديث والمعاصر، فنينا صلى الله عليه وسلم علمه ربه علاج المشاكل النفسية قبل ألف وأربعمائة عام، وبفضل الله تعالى بدأ غير المسلمين يدرسون الطب القرآنى والطب النبوى لأنهم علموا من خلال التجارب والوقائع أن القرآن الكريم والطب النبوى لهما تأثير قوى على الإنسان، ليس هذا خاصًّا للأمراض النفسية فقط بل والأمراض العضوية، فالحمد لله الذى جعل الكفار يشهدون للنبى على رغم عدم إيمانهم به.النبي صلى الله عليه وسلم لم يغفل الجانب النّفسي في العلاج، فعلى سبيل المثال: قد حثّ على زيارة المريض في أكثر من حديث لما لزيارة المريض من آثار نفسيّة طبيّة تعمل على تقوية جهاز المناعة لديه، ففي الحديث: (من عاد مريضًا لم يزل في خرفة الجنّة حتى يرجع)، كما أنّ الرّضا بأمر الله تعالى وقضائه يحدث آثارا عجيبة في نفس المريض قد تخلّصه من مرضه بأمر الله تعالى، فقد دخل النّبي عليه الصّلاة والسّلام مرّة على رجل مريض فقال له طهور إن شاء الله، فقال الرّجل وقد كان كبير السّن بل هي حمى تفور على رجل تزيره القبور، فمن أراد الرّضا وتخلّص من الشعّور السّلبي زاد ذلك من قوّته ومناعته ضد الأمراض بأمر الله تعالى، ومن سمح للشّعور السّلبي والسّخط أن يسيطر عليه يئس وزاد تعبه وألمه.
العلاج بالدعاء..
يقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} فالله تعالى قريب من العبد، بجرد أن يدعوه دعاء خالصا من قلبه فإنه يستجيب له، وإن لم يستجب له فى الدنيا فسيدخره له فى الآخرة نعيما وملكا كبيرا، وقال تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر: 60) الله عز وجل أمر الناس أن يدعوه، إذًا فالدعاء أمر أى واجب وليس مجرد استحباب فقط، وأخبر عن الذين لا يدعون الله تعالى بأنهم يستكبرون عن عبادته، فأصبح جزاؤهم أنهم سيدخلون جهنم أعاذنا الله تعالى وإياكم من النار، ومن كل ما يُقرّب إلى النار.فالذين يتركون الله تعالى ويذهبون إلى الدجالين والمشعوذين هؤلاء ممن استكبروا عن عبادة الله تعالى بل آمنوا بأشياء تنافى الإيمان وتنافى الإسلام، والنبى صلى الله عليه وسلم أخبر أن من فعلها فهو كافر بالله تعالى، وإن مات عليها مات على غير دين الإسلام، قال صلى الله عليه وسلم: (من ذهب إلى كاهن أو عراف فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد) حتى الذى يذهب إلى الكاهن والعراف لمجرد التجربة فإنه تلزمه توبة خالصة وتجديدا لبيعته مع الله لأنه وقع فى كبيرة من أكبر الكبائر سلمكم الله تعالى.
الطب النبوى علاج للوسوسة:
قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف200 ] .
وقال الله عز وجل: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ فصلت: 36] . فالاستعاذة بالله تعالى من الشيطان من وسائل إبعاده والنجاة منه، فلن يستطيع أن يصل إليك ما دمت مستعينا بالله تعالى عليه، فالاستعاذة هنا معناها الاستعانة بالله تعالى عليه.عن أَبَى قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَتْفِلْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ " . إذً من وسائل إبعاد الشيطان التفل عن اليسار ثلاث مرات، وكذلك إذا جاءك فى الصلاة فاتفل عن يسارك ثلاثا.
إذًا فالوسوسة أيها الأحباب من أخطر أمراض العصر الحديث، وعلاجها فى القرآن الكريم وفى سنة النبى صلى الله عليه وسلم، فاتباع هدى النبى صلى الله عليه وسلم هو أفضل تحصين للمسلم ووقاية له من الشيطان، فلن يستطيع المرض النفسى أن يقترب من المؤمن ما دام بالله تعالى متمسّكا ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متبعا.
التحصينات الإيمانية ضد الشيطان ووسوسته:
ــ الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم كلما وسوس للإنسان، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ الأعراف200].وقال الله عز وجل: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ فصلت36 ] . فالاستعاذة بالله من الشيطان من وسائل إبعاده، فلن يستطيع أن يصل إليك ما دمت مستعينا بالله تعالى عليه، فالاستعاذة هنا معناها الاستعانة بالله تعالى عليه.
ــ النوم على وضوء، قال النبى صلى الله عليه وسلم: "لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" فمن علامات الإيمان الحفاظ على الوضوء.
ــ قراءة القرآن فى البيت وخاصة سورة البقرة، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الفضل العظيم لسورة البقرة كاملة، ولبعض آياتها العظيمة مثل " آية الكرسي " وآخر آيتين منها، ومما ذكره صلى الله عليه وسلم في فضلها أن الشياطين تفرّ من البيت الذي تُقرأ فيه هذه السورة، وأنها نافعة في الوقاية من السحر وفي علاجه.
فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفِر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)
وعن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البَطَلة )
ــ قراءة المعوذات قبل النوم والنفث بهما فى اليدين، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.ــ التزام الصحبة الصالحة التى تقرب المسلم من الله تعالى، والتى تحميه من الشيطان، لأن الشيطان لا يتمكن إلا من الشخص المنفرد المنعزل عن جماعة الناس، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ».
ــ قراءة الأذكار الواردة عن النبى صلى الله عليه وسلم، وهى أذكار الأوقات والأماكن، مثل أذكار الصباح والمساء وقبل النوم، وعند الاستيقاظ، والسفر، ودخول البلاد، ودخول المسجد والخروج منه، ودخول الخلاء والخروج منه، والجماع، والطعام، وركوب الدابة وغيرها، فهى محصنات للمسلم فى كل وقت وفى كل مكان.
ــ أداء الصلوات فى مواعيدها، والحفاظ على الجماعة فى المسجد، والحفاظ على صلاة النوافل وقيام الليل وصلاة الوتر.
المرض النفسي يتزايد بسبب ضغوط الحياة..والوسوسة أخطر أمراض العصر..وهذا هو العلاج
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة