الاضطرابات النفسية كالاكتئاب والقلق وفقدان معنى الحياة ينتهى عن طريق زرع التفاؤل

العالم الإسلامي
طبوغرافي

دائما ما تكون الإيجابية هي العنصر الفاعل والأكثر تأثيرا في مسيرة العلاج لأي إنسان سواء أكان علاجا نفسيا أم علاجا دوائيا، ولهذا فالأمل والتفاؤل واستشراف الخير وحسن الظن بالله تعالى من أهم أساسيات العلاج النفسي، واليأس وخيبة الظن هي معاول الهدم الحقيقية لأي إنسان في الحياة ولهذا حذر الله تعالى المسلم من اليأس ودعاه إلى التفاؤل بقوله تعالى «وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ».

فالأمل والرضا عن النفس والحياة هما الوقاية الحقيقية والعلاج للعديد من الاضطرابات النفسية، ولهذا نشأت نظرية العلاج بالمعنى (الأمل) على يد الطبيب النمساوي»فيكتور فرانكل» بعدما أرسى مبادئها على خبرة واقعية له قضاها في معسكرات الموت النازية وما عاناه من جوع وقسوة وفقدان لكل القيم النبيلة، حتى قدم لنا شرحا للمدخل الإنساني في كيف يعيش الإنسان بالأمل وما هو معنى الحياة، ومن خلال نظريته توقف فرانكل على الأسس الفنية والنظرية للعلاج بالمعنى من خلال القدرة على مساعدة المحتاجين والمرضى على إيجاد معنى لحياتهم، مؤكدا من خلال ممارساته العملية والإكلينيكية على حقيقة أن الحب والأمل والحياة هو أقصى وأعلى هدف للكائنات الإنسانية، وأن خلاص الإنسان إنما يكون من خلال الحب والأمل وفي أن يحب حياته ويعرف معناها الحقيقي .وهذا ما يتفق أيضا مع عقيدتنا السمحة فما خلق الله تعالى الإنسان إلا ليسعده ويرحمه، ويجعله خليفة في أرضه يعمرها بالحب والإيمان ويزرع بها قيم العمل الصالح والتسامح والتفاؤل، وهذا ما أكده قوله تعالى « إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ «.

فالإنسان لم يخلق ليكون عابسا أو يائسا أو حزينا بل خلق ليسعد ويحيا بالأمل في حياته الدنيا، بأن يحقق كل ما يتمناه ويسعى إليه، وأن يعيش طموحا سعيدا، تملؤه روح التفاؤل والأمل، يستطيع من خلالها أن يحول أسوأ الخبرات الحالكة إلى لحظات انتصار سعيدة وذلك أملا في بلوغ أهدافه.

العلاج بالأمل والمعنى مدرسة نفسية طبية كبيرة نشأت في ستينات القرن الماضي، ومازالت قائمة إلى الآن وتستخدم في العلاج السلوكي للعديد من الاضطرابات النفسية كالاكتئاب والقلق وفقدان معنى الحياة والرغبة في الانتحار عن طريق زرع التفاؤل ومساعدة كل إنسان على رؤية حياته فالحياة عند «مدرسة العلاج بالمعنى والأمل» مليئة بالفرص التي تمكن الإنسان من استخدام قيمه في تقديم عمل إبداعي، حتى لو كانت حياة آلام ومعاناة لأن الإنسان يجب أن تكون لديه دائما نظرة مفعمة بالرجاء والأمل في القدرة على التسامي و الوصول إلى المعنى الحقيقي لحياته، وهذا ما تؤكده قيم ديننا الحنيف كل هذه المعاني مثل الصبر والعمل والرضا والخيرية والاحتساب، وهذا ما أراده الله تعالى لعباده من حسن الإيمان والظن به
و يركز العلاج بالأمل ( المعنى )على أهمية وجود نسق قيمي يحفز الإنسان على العمل، ونسق ثاني اتجاهاتي يحفزه على الشجاعة في مواجهة الألم و المعاناة، و نسق ثالث خبراتي يشتمل على معاني الحب والفهم ، وجميعها يدعمها وجود مبدأ المسئولية والإيمان بالحرية؛ أي أنه يؤكد على ضرورة استكشاف الجوانب ذات المعنى في حياة الإنسان وتعميقها وتحويلها إلى مصدر فاعلية وحيوية يعين الفرد على أن يستقوى من الماضي بما ينعكس على حاضره ومستقبله.