أهم من وصف النبي الصحابية أم معبد وقد نزل قرب خيمتها في هجرته طلباً للطعام والشراب وحلب لها شاة هزيلة حتي ارتوي ومن معه (أبو بكر الصديق ومولاه عامر بن فهيرة ودليلهم عبد الله بن أريقط) وترك الإناء مملوءً فتعجب أبو معبد عند عودته من المرعي فقالت له مر بنا رجل كريم مبارك فطلب أن تصفه فعرف أنه صاحب قريش فلحقا به في المدينة المنورة وأسلما.
ثم هند بن هاني وكان وصافاً وهو ابن السيدة خديجة وشقيق السيدة فاطمة (من الأم) تربي في حجر النبي وقد وصفه للحفيدين الحسن والحسين وكرره لهما والدهما الإمام علي بن أبي طالب ووصف السيدة عائشة وخادمه أنس بن مالك وقصيدة شاعره حسان بن ثابت
(وأجمل منك لم تر قط عين..
وأكمل منك لم تلد النساء..
خلقت مبرأ من كل عيب..
كأنك قد خلقت كما تشاء)
جسمه فخم وله مهابة ربعة لا طويل ولا قصير وللطول أقرب، تتناسق معه رأسه الكبير وشعره شديد السواد المتموج الواصل إلي منتصف أذنيه حلقه عام الحديبية- ٨ هـ وفي عمرة القضاء -٩هـ- وحجة الوداع ١٠ هـ) يدهنه بطيب الزعفران ويفرقه حيناً ويسدله حيناً ويقص شعر جبهته ويرتدي عمامة يرسل طرفيها بين كتفيه أو علي ظهره.
وجهة بيضاوي أبيض مشرب بحمرة الشمس وعنقه وجسده في صفاء الفضة يظهر بياض أبطيه عندما يباعد بين ذراعيه في السجود أو يرفعهما بالدعاء، ناعم الخدين واسع الجبين، حاجباه قويان مقوسان متصلان اتصالاً خفيفاً بينهما عرق يظهر عند الغضب.
عيناه واسعتان بحدقة سوداء في بياضها حمرة (عروق حمراء رقيقة) ورموشه طويلة وبكحل رباني وأنفه طويل مستقيم بارتفاع وفمه كبير متناسق مع وجهه ورقيق الشفتين وأسنانه بيضاء وبها انفراج (بمقدم الفم، ثنتان أعلي ومثلهما أسفل)، كثيف اللحية، له كتلة شعر بارز حولها بياض تحت الشفة السفلي تتدلي لتختلط بلحيته السوداء التي تصل إلي صدره.
تكشف صفحة وجهه رضاه وغضبه إذا رضي استنار وغض طرفه وإذا غضب تلون وأحمرت عيناه وأعرض وأشاح، رحب الصدر عريض المنكبين ممتلئ اللحم عليهما شعر كذراعيه الطويلين القويين كعظامه وأرجله، مستوي البطن والظهر.
كفه ضخم واسع ممتلئ لحمه لين ناعم باردة بأصابع طويلة غليظة ويشير بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها وله رائحة طيبة مميزة تبقي في يد من يصافحه وإذا وضعه علي رأس صبي يظل يومه يعرف بين الصبيان.
ضخم القدمين، والسبابة أطول أصابعها، أشبه بآثار قدمي سيدنا إبراهيم (بمقامه بالكعبة) أسفل قدميه مجوف لا يلتصق بالأرض وأعلاهما أملس لا تثبت عليه المياه يلبس النعال السبتية (مدبوغة نزع عنها شعرها) يميل في مشيته يميناً وشمالاً ويقارب بين الخطي ويمشي بنشاط وسرعة ويلتفت بجميع جسمه إذا نظر إلي الشئ..
يلبس الإزار (نسيج يلف أسفل الجسم) والقميص (كملابس الإحرام) والشملة وفضل اللون الأبيض لملابسه وارتدي بردة- كساء مخطط يلتحف به- أحمر وأخضر وفي الحرب يلبس الحديد فلا تبدو إلا عيناه.
أوقر الناس في مجلسه لا يظهر شئ من أطرافه (ذراعيه وساقيه) هادئ كثير الصمت وقوله الفصل ويعيد الكلمة ثلاثاً لتعقل عنه.
صوته علي المنبر جهور وفي صوته بحة فيسمعه الجميع دائم البشر والتبسم لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فاحش، ولا عياب ولا مداح ولا يذم ولا يكشف ستر أحد.
خاتم النبوة في جهة كتفه الأيسر غدة بين الجلد واللحم (سلعة) في حجم بيضة الحمام إذا ضغط عليها تتحرك وتعصر في حكمتها أنه لما ملئ قلبه إيمانا ختم عليه كما يختم علي الوعاء المملوء درا، وكل الأنبياء لهم شامة النبوة في اليد اليمني، إلا هو بين كتفيه.
وصف السيدة عائشة:
عريض الصدر ممسوحه، كأنه المرايا في شدتها واستوائها، لا يعدو بعض لحمه بعضا، علي بياض القمر ليلة البدر، موصول ما بين لبته إلي سرته شعر منقاد كالقضيب، لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره.. أحسن عباد الله عنقا، لا ينسب إلي الطول ولا إلي القصر، ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهباً يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب، وما غيب في الثياب من عنقه فما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر»
وصف أنس بن مالك:
أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ (صافي أبيض كالؤلؤ)
وصف علي بن أبي طالب:
لم يكن بالطويل الممغط، ولا القصير المتردد، وكان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، وكان جعداً رجلاً، ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم، وكان في الوجه تدوير، وكان أبيض مشرباً، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، دقيق المسربة، أجرد، شثن الكفين والقدمين، عظيم العينين، هدب الأشفار.
وصف هند بن أبي هالة التميمي:
متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه- لا بأطراف فمه- ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً لا فصول فيه ولا تقصير دمثاً ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم شيئاً، ولم يكن يذم ذواقاً -ما يطعم- ولا يمدحه، ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشئ حتي ينتصر له لا يغضب لنفسه،ولا ينتصر لها إذا أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، يحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه إلي غيره الذي يلونه من الناس خيارهم.
كان لا يجلس ولا يقوم إلا علي ذكر، ولا يوطن الأماكن- لا يميز لنفسه مكاناً- إذا انتهي إلي القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يقنط منه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه.
خمصان الأخمصين -مسيح القدمين- ينبو عنهما الماء شثن- ضخم - الكفين والقدمين) باطن قدمه مرتفعة لا تلتصق بالأرض وظهرها أملس لا يثبت عليها الماء وغليظ أصابع كفيه وقدميه فكان أشبه الناس بسيدنا إبراهيم.
كان فخماً مفخماً، يتلألأ وجهة تلؤلؤ ليلة البدر، أطول من المربوع »لا قصير.. ولا طويل» وأقصر من المشذب »الطويل»، عظيم الهامة،رجل الشعر »لا ناعم ولا خشن»، إذا تفرقت عقيصته فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه، ذا وفرة، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب »دقيق وطويل»، سوابغ في غير قرن »مليئة بالشعر بلا ترهل» بينهما عرق بدره الغضب..أقني العينين »بياضهاشديد وسوادها شديد»، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله، أشم، كث اللحية، أدعج »أسنان جميلة» سهل الخدين، ضليع الفم، أشنب، مفلج الأسنان، دقيق المسربة »رفيع الوسط» كأن عنقه جيد دمية في صفاء »مثل الفضة» معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس »العظام» أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوي ذلك، أشعر الذراعين، والمنكبين، وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، سبط القصب، شثن الكفين والقدمين »عظيم»، سابك الأطراف، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفؤا، ويمشي هونا، ذربع المشية إذا مشي كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت جميعاً، خامض الطرف، نظره إلي الأرض، أطول من نظره إلي السماء، جل نظره الملاحظة.
وصف أم معبد:
ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه (أبيض مشرق الوجه)، حسن الخلقة، لم تعبه نحلة (نحول الجسم) لم تزر به صعلة (رأسه ليس صغيرا)، ولم تعبه ثجلة (ليس ضخم البطن) وسيما قسيماً، في عينيه دعج (شدة سواد العين)، وفي أشفاره عطف (طول أهداب العين)، وفي عنقه سطح (الطول)، وفي صوته صحل (بحة)، وفي لحيته كثافة، أحور أكحل، أزج أقرن (حاجباه طويلان ومقوسان ومتصلان)، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأجمله من قريب، حلو المنطق، فصل ، لا نزر ولا هذر، وكأن منطقه خرزات نظم تنحدر (كلامه لا وسط لا بالقليل ولا بالكثير)، ربعة لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه العين من قصر،