يقول الشاعر:
والنفس بين جوانحي شفافةٌ
دبَّ الخشوعُ بها فهز كياني
قد عشت أؤمن بالإله ولم أذقْ
إلا أخيرُا لذةَ الإيمان
منبع الآلام النفسية:
لعلي أفاجئكم - سلمكم الله تعالى وأحبكم - أن معظم الآلام النفسية التي يتعرض لها العباد في هذه الحياة تأتي من كثرة الشكوى، فيتحول الإنسان إلى إنسان دائم الشكوى، وسنقدم لكم -إن شاء الله تعالى- في لقائنا هذا ما يساعدكم على علاج أنفسكم من الشكوى وآثارها.
?آثار الشكوى:
إنَّ الشكوى ظاهرة خطيرة جدًا تؤدي إلى الإحساس بالفقر، والإحساس بالظلم والضياع، والإحساس بأنَّ الدنيا انهارت، وأنَّ الأخلاق ذهبت، وأنَّ القيامة أوشكت أن تقوم، ومثل هذه الشخصية صاحبة الشكاية المستمرة لا يحبها أحد لدرجة أنَّ العرب كانت تقول: "لا تزوجوا أولادكم المرأة الأنَّانَة ولا المنانة ولا الحنانة ولا الشداقة ولا البراقة" إلى آخر هذا الكلام الجميل؛ فالمرأة الأنانة أو الرجل الأنان هو الإنسان الذي لا يحمد الله تعالى على نعمة، ودائما تراه يُحَقِّر نعمة الله عليه، ويستقل نعمة الله عليه فيرى النِّعم أمامه كثيرة متتابعة، ولكنه يشكو كثيرا ويتألم حاله أكثر.
تتواتر الهموم على قلب الإنسان؛ فهي كثيرة، وتزداد الهموم على قلب الإنسان، ولكنه إذا ألقى بهمومه إلى البشر؛ فهناك من يشمت فيه، وهناك ربما من يحقد عليه، وهناك من يتشفى فيه، ولذلك علمك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم - وهذا علاج للشكوى أولا – أنَّ من نزلت به مسألة فلينزلها بالله، ويثق في قدرة الله عز وجل على أن الله سيعينه على تخطي الأزمات والصعاب.
?اليقين في الله أولى خطوات العلاج:
من نزلت به مسألة أو نزلت به فاقة فليسأل ربه أو فلينزلها ربه، أي يعود إلى ربه الذي أراد الله به هذه المنزلة أو هذه المقدرة، فإذا أنزلها الله به، قال: (يا ربّ أنا عندي مشاكل في حياتي كذا وكذا، أنا أعاني من كذا وكذا، وأنت ربي، وأنت عضدي، وأنت ناصري، وأنت نصيري، وأنت مؤنسي في شدتي، وأنت رفيقي عند كربتي، وأنت ملاذي عند خوفي، وأنت جاري؛ أستجير بك، وأنت ملاذي؛ ألوذ بك إذا فعل هذا؛ هانت عليه، وتقل المشكلة).
والشاعر يقول:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تُفرج
هذه مرتبة عالية من حسن اليقين بالله عز وجل، ولكن الناس أصحاب الشكوى الذين لا يصبرون أبدا قال الله تعالى فيهم: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6]، بمعنى أنه يرى نِعَمَ ربِّه قليلة، فهو كنود أي: لا يعترف بنعم الله عليه؛ ولا بفضل الله عليه والعياذ بالله، فتراه مثلا يحتقر مرتبه؛ لأنه قليل ولا يحمد الله عليه مع العلم أن هذا المرتب من الممكن أن تعيش به أسرة كاملة ولكن ذلك الإنسان ينظر دوما إلى نصف الكاس الفارغة، لا يشعر بالأمل ولا باليقين في الله عز وجل وللأسف، ولذلك قال الله في شأن أصحاب الشكوى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6].
قلت لكم: إذا تكاثرت الهموم على قلبك؛ واستشعرت أن قلبك الضعيف لا يقوى على حملها؛ فإنك سترى الله تعالى معك يؤنس وحشتك ويشدّ أزرك، فإذا ما ألقيت بأحمالك عليه فقد استجرت بعظيم! "الله أكبر"، استجرت بعظيم؛ فليس هناك إنسان على وجه الأرض سيشتد عليه البلاءُ كما اشتد على يعقوب عليه السلام، فنحن نتكلم مثلا عن حالات فقدان الأبناء أو خطف الأبناء والبنات، ونتكلم مثلا عن حالات السحر الشديدة، ونتكلم مثلا عن تأخر الزواج، وتأخر الإنجاب، وعن ضيق الرزق، وعن ضيق الصدر، وعن صعوبة الحياة، وعن الشماتة، وعن ملايين المشاكل، ولكنك في النهاية لن تبلغ صبر أيوب عليه السلام، ويستحيل ولن تبلغ في النهاية أبدا مثقال ذرة من كظم الغيظ؛ واحتمال الكرب؛ وتقبل الصعوبة كما كانت عند يعقوب عليه السلام، فتأملوا يا أولي الألباب.
?نماذج من صبر الأنبياء:
ولو تأملتم صبر سيدنا يعقوب عليه السلام لتعجبتم؛ إذ تحولت الكثرة إلى قلة، ولكن داخل قلب سيدنا يعقوب مثاقيل الجبال من الإيمان والصبر، ولو أن هناك شخصا فينا يوجد في قلبه مثقال ذرة من إيمان وصبر لاجتاز كل الهموم.
وما بالكم أحبائي أيضا بسيدنا أيوب عليه السلام، وقلب أيوب عليه السلام وقد اشتد عليه الألم واشتد عليه النزع وتكاثرت عليه الهموم، ومع كل ذلك لا يرى الدنيا سوداء كما نفعل نحن، ولكنه يرى في الظلمة نورا، ويرى في الشدة يسرا، ويرى في العتمة نورا؛ فهو مثال على عدم الشكوى للخلق، فقال الله تعالى واصفا حال سيدنا يعقوب عندما بث شكواه إلى رب العالمين: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86]، والبث هو تفرق المشاعر، فهو لا يشكو إلا لله عز وجل، وهكذا يجب أن يكون الإنسان، ولهذا يجب علينا الصبر دوما.
كذلك يجب علينا بعد أن نُنْزِلَ الشدة التي نحن فيها إلى الله عز وجل وبعد أن نصبر، يجب علينا ألا نيأس من روح الله عز وجل، قال تعالى:{يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}[يُوسُف: 87]، فما كان هناك مرض قاتل أشد عليك أيها الإنسان أكثر من اليأس؛ إنه أشد الأمراض التي تفتك بالإنسان هو وبعض الأمراض الأخرى مثل الخوف فهو مرض قاتل، ومثل الهم والغم فهما قاتلان! ولذا يجب عليكم ألا تيأسوا من روح الله عز وجل؛ فالشاب الذي ليس عنده رغبة في العمل وينام طيلة النهار فهذا الشاب عنده ياس قاتل، وآخر يجلس على القهوة أغلب وقته فهذا يأس قاتل، والإنسان صاحب اليأس إنسان مهموم، وإنسان شارد، ومن هنا تكثر في المجتمعات شرب المخدرات وفساد المجتمعات، والعياذ بالله؛ فكل تلك الأشياء بدايتها هو اليأس وحالة الشعور بالفشل التي يشعر بها الإنسان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الإنسان عندما تكون عنده مشكلة يجب عليه أن يُجمِّع أعصابه مرة أخرى ولا يتركها عرضة لليأس والفشل والإحباط، يقول تعالى: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]، فاستعيذوا بالله من اليأس القاتل واستعيذوا بالله من يأس الكافر؛ فالكافر هو إنسان أصابه اليأس؛ لأنه جاحد؛ فقد جحد نعمة الله وأنكر نعمة الله، وأنكر الحق الذي عند الله عز وجل، ومن هنا وصفه الله عز وجل بأنه كنود، وبما أنه إنسان كنود فهو إذن إنسان شكَّاء كثير الشكاية، وبما أنه شكَّايا فهو – إذن – إنسان أنان.
ذات مرة زارنا أحد الناس وجلس وهو ممتعض من الحياة، فقلت لأحد الشباب الصالحين أصحاب التفاؤل أن يجلس معه، ويحاول أن يُخرجه من تلك الحالة التي معه، وللأسف فوجئت بأن الشاب الذي طلبت منه أن يخرج صاحبه وزميله المسلم من حالة الهم والغم التي فيها فإذا هو ينهار وتنتابه حالة من الهم بسبب ما قاله له الإنسان الآخر، وللأسف، وأخبرته أنَّ ما به من ألم وما به من هموم وما به من غم هو في الحقيقة فرج من عند الله عز وجل؛ فهذه المطبات التي تقابلك في حياتك ما هي إلا عبارة عن مساعدات لك لكي تنهض مرة ثانية.
كأن يكون هناك إنسان يأتي له مرض سكر أو ضغط أو خلافه يعتقد أهله أنه قد انتهى وأن المرض وحشاكاسر، ولكن المسألة ليست كذلك فربما كان هذا المرض رحمة له من عند الله، هذا من ناحية الآخرة، أما من ناحية الدنيا فربما يكون هذا المرض سببا له في تنظيم حياته من جديد وسببا في تنظيم طعامه وشرابه.
والأمر الثالث الذي تعالج به الشكوى هو: مقارنة الحال، وهذه مسألة مهمة جدا؛ فالذي تشتد عليه بلواه فليتذكر نعمة الله تعالى عليه، فيما ستر الله تعالى عنهم النعم، أي انظر إلى غيرك، قارن حالك بحال غيرك، قارن حالك بحال من هم أقل منك، وكل ذلك بسبب أن الإنسان لا يرى الخير إلا فيما تمنى وهذا خطأ، ولا يرى الشر إلا فيما حجبه الله عنه، ولا يفقه الأمر إلا بعد فوات الأوان، كمثل أولئك الناس الذين كانوا ينظرون إلى قارون، وتأملوا حال قارون صاحب المال والذي له مفاتيح تنوء بها العصبة أولو القوة، والناس يشتهون ويتمنون ما عند قارون، ولكن انظر إلى حال نفس الناس عندما شاهدوا قارون وأن الله خسف الله به الأرض.
أو أن يكون هناك إنسان توفى عنه أولاده وتوفت زوجته أيضا، فشعر بأنه إنسان وحيد ويشعر باشتداد الكرب والمصيبة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من اشتدت عليه مصيبته فليتذكر مصيبته فِيّ )، أي من اشتد عليه المصيبة فليتذكر المصيبة في موت النبي -صلوات ربي وسلامه عليه- لدرجة أن الصحابة كانوا لا يصدقون أنهم سيعيشون بدون النبي ولم يكن هذا بسبب عقيدة فاسدة، ولكن حياتهم كلها كانت تدور في فلك النبي، ولهذا فإن النبي أمر من يشعر بمصيبة وفاجعة أن يقارن حاله بحال غيره، فمن رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته، ولهذا فإن من لطف الله أنه ينشر الرحمة في قلوب عباده.
ولهذا كله كانت الشكوى ظاهرة خطيرة جدا، ولذا قال تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86].
من مشاكل الناس الخطيرة أيضا في حياتهم الفزع، وهو شدة الخوف. والسنة النبوية المحمدية تعطي لنا علاجا للفزع والخوف في آنٍ.
لقد انتشر الخوف بكثرة بين الناس، وتحولت حياة الناس إلى الخوف، الخوف من المرض، والخوف من الظلام، والخوف من الوحدة والخوف على مصير الأولاد والخوف على العافية والخوف على فوات الرزق، يقول تعالى: { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) } [ص: 21-24]؛ فالفزع إذن موجود ومعلوم حتى أنَّ داود عليه السلام قد فزع، ولكن التمسك بالله عز وجل، واليقين بالله أولى خطوات العلاج والشفاء.
لقد رأيت في حياتي مطلقات، وعندهم رصيد من الإيمان كبير جدا ومع هذا فإنها مجرد أن طُلِّقت رغما عنها وكُرها لها، فإنها أصبحت خائفة من كل شيء وأصبحت الحياة بالنسبة إليها خوفا في خوف في خوف؛ فالطلاق كسرها وشرخ قلبها، وكل ذلك ليس بسبب أن صارت مطلقة، ولكنه بسبب أنها لم تفعل شيئا يستحق الطلاق؛ فهي لم تذنب، ولم تفعل خيانة أو ما شابه، فهي تستشعر أنها امرأة مظلومة مقهورة مغلوبة على أمرها مكسورة في قلبها، وما كان ينبغي لها أن تُكسر، ومن هنا فقد أصابها الفزع الذي كان أثرا ونتيجة لما حدث لها من تعسف وقهر وانكسار، وبالتالي فإن الأطباء النفسيين يكادون أن يكونوا من أكثر أنواع الأطباء الذين يتكاثر عليهم الطلب في أوقات المحن والشدائد بسبب الخلل الموجود في حياتنا، وهو خلل غير طبعي.
إذن فإن حالة الفزع تكون نابعة عن عدم القدرة على التكيف مع الأشياء فترى الإنسان دائما خائفا منطويا على نفسه يبدو على وجهه القلق والتوتر الدائم، تنبهوا لمثل هذه الحالة الغريبة، ها هو شاب في الثانوية العامة وكان ملتزما دائما، وكان هو الذي يفتح المسجد في الفجر دوما وفجأة في يوم ما وهو ذاهب للصلاة، وفتح المسجد شاهد الولد هيئة غريبة فخاف خوفا شديدا لدرجة أنه لم يعد إلى الشارع وأصابه الخوف من كل شيء، مع أن هذا الشيء الذي شاهده كان وهما وخيالا محضا، ومن أكثر الأشياء التي تجعل المريض لا يُشفى من مرضه هو إيمان بعض الناس بأنهم لن يتمكنوا من الشفاء أبدا وهذا خطأ كبير جدا؛ فقد علّمنا النبي الكريم أن كل داء لابد له من دواء، وقد علمنا النبي الكريم هذا دعاء يقوله الإنسان، وهو: (أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون)، وهو دعاء مهم جدا يجب على الإنسان أن يقوله في الصباح وفي المساء، ويقوله كذلك الإنسان صاحب التوتر والقلق والذي لا يذوق النوم، ومن يخاف من الليل ومن يخاف من الظلام، والإنسان الذي يفكر كثيرا يجب عليه أن يقول هذا الدعاء، والحديث كاملا: عن الوليد بن الوليد أنه قال: يا رسول الله، إني أجد وحشة، قال: (إذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يضرك، وبالحري أن لا يقربك)، [مسند أحمد، 27/ 108].
قال النبي الكريم صلوات ربي وتسليمه عليه: (من قرأ الآيتين الأخيريتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه)[متفق عليه]، والحديث فيه إعجاز وفهم عميق في قوله (في ليلة)، فيجب عليك أن تقول الدعاء في الليل وليس النهار؛ لأن أغلب الناس تفزع بالليل، وهكذا فإن علاج الفزع والخوف هو الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة، وهذا العلاج لكل إنسان مفزوع، ومحسود ومسحور، والإنسان الممسوس، فالحديث فيه كفاية عامة لكل تلك الأمراض؛ فمن قرأ الآيتين الأخيريتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه، بشرط أن يقرأ هذه الآيات وهو على وضوء وعلى طهارة وهو قائم يصلي وهكذا.
يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد مسلم يقول في صباح كل ليلة أو في مساء كل يوم: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم لا يضره شيء أبدا)، [مسند أحمد، باب مسند عثمان بن عفان، 1/498]، وبمجرد أن يقول هذا الدعاء أي إنسان مفزوع أو مهموم أو مغموم فإنه يشفى بإذن الله؛ لأنك تتقوّى بذكر الله عز وجل وهذا إيواء إلى الله عز وجل، وهذه نجاة إلى الله.
أما عن علاج إطلاق البصر فيتمثل في ما يسمى بالإبدال؛ والإبدال بمعنى ـن تكون عيناه مفتوحتين إلى المعاصي تشرئب العينان إلى أن تنظر إلى كل شيء، وأن تغترف من هنا ومن هنا، ومعنى الإبدال هو أن تغمض عيناك هذا هو الإبدال، ومن هنا تتحول المعصية إلى طاعة، فإنَّ "مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَأَمْسَكَ نَفْسَهُ عَنِ الشُّبُهَاتِ، وَعَمَّرَ بَاطِنَهُ بِدَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ وَظَاهِرَهُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَعَوَّدَ نَفْسَهُ أَكْلَ الْحَلَالِ، لَمْ تُخْطِئْ لَهُ فِرَاسَةٌ".[الاعتصام للشاطبي، فصل ما جاء عن الصوفية في ذمّ البدع، ج1/ 129].
ولهذا يجب علينا أن نجاهد حتى نذوق حلاوة الإيمان، ولن تأخذ أيها الإنسان لقب الإيمان إلا بغض البصر، يقول تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30].
وهناك أربع معان حتى تكون مؤمنا فإذا حافظت عليها، وألزمت نفسك بها كنت من الناجين واستكملت دينك بإذن الله عز وجل، وهي:
- النظرات؛ بالحفاظ على العينين وغض البصر.
- اللفظات، والمحافظة على اللسان.
- الخطوات؛ فلا تخطو خطوة إلا تسأل عنها يوم القيامة.
- الخطرات؛ أي ما يخطر على قلبك أيوافق الله عز وجل أم يوافق الشيطان؟!
فإذا تمكنت أيها الإنسان من التغلب على النظرات واللفظات والخطوات والخطرات استكملت دينك وحطَّ الله عنك السيئات، ورفعك الله تعالى في أعلى الدرجات.
علاج الشكوى وإطلاق البصر والفزع
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة