ادعاء الإعاقة والعمى وتربية اليتامي.. وآخرها “ المتسول الأنيق”
تنوعت أساليب التسول فى الفترة الأخيرة بشكل مذهل مما يجعل الكل يتأكد بأن وراء ذلك كله “مافيا” تدير المنظومة وتطوير وتبتكر أساليب وحيلاً جديدة كل يوم وأن الموضوع ليس مجرد أفعال فردية من أشخاص مطحونين أجبرتهم ظروف الحياة القاسية على ممارسة مهنة مهينة للنفس البشرية..بعضهم طالب بحملة توعية لتوجيه التبرعات للجمعيات والمؤسسات الخيرية للحد من الظاهرة لكن الجميع أكد ان الحل يقع على عبء الحكومة التى يجب ان تهتم بمعدومى الدخل وتوفر لهم الحد الأدنى من احتياجات الحياة..
ماهر سيد - صاحب مكتبة - يقول: يمر على المكتبة والمحلات المجاورة يوميا أحد المتسولين لتجميد النقود فى نهاية جولته اليومية يبدأ عمله يوميا من بعد صلاة العصر ويقوم بتغيير ملابسه بالمقهى المجاور ليرتدى ملابس رثة تناسب طبيعة عمله يدور على المحلات والمقاهى حاملا بيده مبخرة لتبخير روادها يواظب هذا الشاب على خطة عمل يومية تبدأ بشارع البترول بمنطقة المرج ثم يستقل الميكروباص من المرج إلى الألف مسكن بجسر السويس ليبدأ جولته فى النزهة ومصر الجديدة.
ويضيف ماهر عندما سألنا الشاب عن سبب اشتغاله بهذه المهنة وبرر ذلك بأنه يزاول مهنته لفترة لا تتجاوز 4 أو 5 ساعات يوميا يستطيع خلالها تحقيق إيراد لا يقل عن 300 جنيه و500 جنيه فى الأعياد والمواسم ومن مائة لمائتين جانيه فى الأيام العادية وانه لا توجد مهنة شريفة يمكن من خلالها تحقيق ربع هذا الدخل ومن وجهة نظره ان هذه المهنة أهون من الاتجار فى المخدرات أو السرقة.
متسولو المترو
أحمد محسب - محاسب - يصرح بانه مستاء من انتشار المتسولين بمترو الأنفاق بالرغم من كونه أحد أهم المظاهر الحضارية للعاصمة وتعجب من تنوع أساليب التسول بشكل يمنع إصابة الركاب بالملل من تكرار مرور المتسولين عليهم بعربات المترو حيث يمكن للراكب خلال الرحلة الواحدة وخاصة بالخط الأول التمتع بمشاهدة أكثر من نموذج منها المقنع كباعة المناديل والآيات القرآنية والأذكار وخلافه ومنها الصريح فمرة تجد شخصا يتاجر باعاقته ويتفنن فى اظهارها بصورة تبعث على الشفقة لحث الجميع على اخراج ما فى جيوبهم لانقاذه أو ادعاء العمى والله أعلم يتعمد دائما الاصطدام بالركاب من رجال ونساء حتى وإن افسحوا له المجال للمرور فى محاولة مفضوحة منه لاقناع الركاب باعاقته والطريف انه يستطيع التمييز بين فئات العملات المختلفة سواء المعدنية أو الورقية ويضع كل فئة بجيب معين ليسهل عليه جمع النقود وعدها.
المتسول الأنيق
أحمد جمعة - طالب نهائى هندسة - يحكى تجربته مع المتسولين قائلا: انه يقابل أحيانا كثيرة نموذج من المتسولين يرتدى ملابس أنيقة ويتحدث بأدب شديد طالبا المساعدة بأى مبلغ مالى ولو بسيطا حتى يتمكن من تجميع الأجرة ليستطيع العودة لمنزله حيث يدعى انه من احدى المحافظات كالشرقية أو الغربية وانه قد تعرض للسرقة أو ضياع المحفظة بما فيها من أوراق ونقود ويستغل هذا النوع من المتسولين طيبة أو سذاجة الشباب وخاصة الوافدين من القرى والأقاليم على الجامعات المختلفة ويتواجدون بأماكن حيوية كمحيط الجامعة أو مواقف سيارات الأجرة للأقاليم ويقوم المتسول باصطياد ضحيته بعناية من مجرد نظرة عابرة على المارة من حوله يقوم خلالها باختيار زبونه ويتصيد دائما شخصا يسير بمفرده حتى يتمكن من إدارة الموقف لصالحه بسهولة وتجنبا لافتضاح أمره حيث يمارس نشاطه غالبا فى موقع ثابت ويتحرك ضحاياه من حوله بعكس نماذج أخرى من المتسولين السريحة.
ويضيف انه ابتلع الطعم مرة واحدة فقط وأعطى متسولا 10 جنيهات ليتمكن من السفر لمدينة طنطا إلا انه قابل نفس الشخص مرة أخرى بموقف عبود يلعب نفس الدور أمام أحد المسافرين فامتنع بعد ذلك الموقف عن التعاطف مع أى متسول.
الأطفال والإشارات
مصطفى نجيب يروى ان طبيعة عمله كسائق تاكسى تتيح له التنقل بين أماكن عديدة على مدار اليوم ويشاهد خلالها نماذج عديدة من المتسولين كأطفال الشوارع المتواجدين باشارات المرور يقومون بمسح السيارات بإلحاح للحصول على أى مبلغ من قائدها وبائعى المناديل الورقية الذين يبيعون لسائقى الأجرة بسعر وقائدى الملاكى بسعر آخر والمتسول لديه القدرة على استنتاج ما إذا كان قائد السيارة يمتلكها أو يعمل سائقا عليها بالاضافة إلى نموذج آخر من متسولى الإشارات وهو بائع الفل الذى ينتظر غلق الاشارة للتجول بين السيارات لبيع عقود الفل.
هادى رفاعى - موجه بالتعليم الأزهرى - يقول: هناك من يتسولون والبعض فى مجموعات كالذين يتجولون بالشوارع حاملين دفوفا ومزمارا بلديا ويقومون بالمرور على الأفراح للحصول على ما تيسر من أهل العروسين وحتى حالات الوفاة لا تسلم من التعرض للتسول فبمجرد الانتهاء من دفن الجثة يظهر أحد المتسولين فى محاولة لقراءة ما تيسر من القرآن والدعاء والترحم على الفقيد للحصول على أى أموال من أهل المتوفى وغالبا ما يخطئ فى قراءة القرآن.
مكسب سهل
إيهاب عاطف يؤكد ان المتسول صاحب حرفة وغالبا ما يتوارثها عن والديه وانها ليست وليدة الحاجة أو الفقر ويؤكد ان الفقير المستحق للمساعدة يخجل من طلبها والمتسول المحترف لو توفرت له فرصة عمل شريفة لن يرضى بها وذلك لسهولة حصوله على مبلغ محترم يوميا بدون مجهود وبدون مخاطرة برأسمال فى أى مشروع تجاري.
ويرى رمضان فؤاد - صاحب محل ألبان - ان التسول حرفة موسمية فأيام الأعياد وطوال شهر رمضان وخاصة بالمناطق الراقية كمدينة نصر ينتشر المتسولون بجميع شوارعها متنكرين فى زى عمال نظافة ويقفون باشارات المرور أوقات الذروة للتسول من قائدى السيارات المارة وبعضهم يتمركز على المطبات الصناعية حيث يضطر قائد السيارة لتهدئة السرعة لعبور المطب ويفاجأ بطابور من المتسولين يلحون عليه لاعطائهم مضيفا ان التسول وخاصة الموسمى قد تطور لدرجة سفر بعض المتسولين للأراضى المقدسة لممارسة حرفتهم خلال مواسم العمرة والحج..ويضيف سامح عيد - شيف بمطعم سياحى - انه يشاهد دائما أحد المتسولين المتمارضين يحمل معه تقارير طبية واشعات تفيد مرضه وضرورة إجراء جراحة عاجلة ويطلب المساعدة من المارة لاكمال تكاليف الجراحة والعلاج وبمرور الأيام يفاجأ بنفس الشخص فى نفس المكان يزاول نفس العمل.
التبرع للجمعيات
أسامة فتحى بكالوريوس تجارة يرفض تماما مبدأ اعطاء أى نقود للمتسولين بالشوارع أو وسائل المواصلات ويرى ان المحتاجين بالفعل يخجلون من طلب المعونة بالرغم من حاجتهم الملحة اليها وأحقيتهم فيها.
ويضيف أسامة يوجد بالفعل العديد من الجمعيات الأهلية والخيرية التى تتلقى التبرعات وأموال الزكاة لتوزيعها على المستحقين بعد دراسة حالاتهم للتأكد من استحقاقهم للمساعدات وعلى الجميع التوجه لهذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية والتبرع بما يستطيع ولو جنيها واحدا بدلا من اعطاء المتسولين وتشجيعهم على الاستمرار فى مهنتهم المهنية للنفس البشرية ومن ناحية أخرى هى الأضمن وصول المساعدات لمستحقيها فقط.
ويختتم الحديث أحمد رمضان - دبلوم تجارة - قائلا: انه أحيانا يتعاطف مع بعض المتسولين ويجد نفسه مضطرا لاعطائهم بالرغم مما يسمعه من أنهم لا يستحقون وانهم يتربحون من هذه المهنة ويبرر ذلك بأن الله سيثيبه عن نيته وسيحاسبهم إن كانوا كاذبين.
المتسولون يطالبون بنقابة تحميهم واعانة بطالة
على الجانب الآخر المتسولون دافعوا عن أنفسهم.. اتهموا الدولة بالتقصير وطالبوا بنقابة تحميهم واعانة بطالة لحين توفير فرص عمل مؤكدين ان عددهم يزيد عن 2 مليون فى مصر كلها. أحد زعماء المتسولين بالشرابية ويدعى “ع ل” فوجئنا انه على وعى ودرجة فهو حاصل على دبلوم تجارة مؤكدا ان الدولة يجب ان تستفيد من هؤلاء المتسولين لانها المسئولة عن انتشارهم.
وطالب بتقنين أحوالهم وانشاء نقابة لهم وانهم الأحق بجزء من مصارف الزكاة أو العمل على توفير اعانة بطالة لان العديد منهم حاصل على مؤهلات وعلى الرغم من ذلك لم يجدوا أى فرصة عمل ومن هنا اتجهوا لاحتراف التسول.
الكبير
يتفق معه موسى السيد الذى يعمل فى التسول منذ ثلاث سنوات ويبلغ من العمر 65 عاما قائلا: ان الحكومة لا تلعب أى دور سوى مطاردتهم رغم ان معظمهم من كبار السن وليس لديهم مهنة وقد اتجهوا للتسول نظرا لضيق ذات اليد مؤكدا ان من يراعهم هو “الكبير” الذى يوفر لهم المأكل والمشرب.
يؤكد ذلك عصام إبراهيم قائلا: انه كبيرهم يوفر لهم الأمان والحماية من اتاوات بعض أمناء الشرطة أو فى حالة القبض عليهم حيث يتم توفير محامين للدفاع عنهم ولا يبوح أحد منهم بأسرار المهنة أو يعترف على زميل له ان قبض عليه.
وهو يراعى عائلتهم فى حالة صدور أحكام ضدهم وانهم يكونون على أهبة الاستعداد لشهر رمضان حيث تكثر فيه الزكاة وتكون حصتهم من المال أكثر وعلى الرغم من انهم يعانون من كثرة الضغوط والمطاردة إلا انها فرصتهم الوحيدة للنجاة والعيش.
ألاعيب وحيل المتسولين للنشل
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة