التنمية بالإيمان

تنمية بشرية
طبوغرافي

بقلم دكتور/ أحمد طقش
خبير التنمية الإسلامية

أحمد طقش

{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض}. التنمية هي الزيادة والوفرة والمكتسبات التي تحصلها أمة من الأمم قررت أن تتصاعد علوا على سلم الريادة، والإيمان هو ذلك السلم الأخضر الشفيف الذي يغري بالتسلق صعودا نحو فلاحات الدنيا والآخرة، إن أمة مرهونة بالتميز كالأمة الإسلامية قدرها أن تكون في المقدمة، لكن ليس على حساب الشعوب، بل رغبة بخدمة وتطوير وتنوير بقية الشعوب، بعد الاستنارة بأنوار وحي السماء أعني القرآن العظيم وما صح من سنة المعصوم عليه الصلاة والسلام.

{كنتم خير أمة أخرجت للناس }، نحن أمة مخرجة لكل أبناء سيدنا آدم عليه السلام، نحمل رسالة رسولية بإعمار الأرض المادي بالمنجزات الحضارية العظيمة، والمعنوي بالخير والحب والجمال والإنسانية، كل منا مكلف بهداية الآخرين كل الآخرين نحو مزيد من الوعي الفكري والانفتاح الذهني والمرونة في التعاطي مع الآخر، كل منا يجب أن يسعى إلى إخراج الناس من ظلمات الظلم والجهل والمرض والحسد والضغينة، إلى أنوار المعرفة والتواضع والحلم والغفران والكرم والشهامة وتكريم الضعفاء.

من قرر أن يكون مؤمنا يجب أن يكون تنمويا، نشيطا، شجاعا، عادلا، مبادرا، مخلصا لربه، وفيا لوطنه ولمواطنيه. لم يعد لا الزمان ولا المكان يحتملان البطيئ المتواكل الخامل الكسول، الإيمان محفز قوي جدا لإخراج الطاقات الذاتية الكامنة لإخراج الأمة بل الأمم المرهقة من الجهل والفقر والمرض. لقد آن أوان فهم الإيمان فهما إيجابيا، إيمانك بربك مرجل يغلي في صميم صميمك يدفعك نحو خدمة بلدك ( وكل الكرة الأرضية بلدك )، يقينك أن هناك يوم لا ريب فيه لتصفية الحسابات يجب أن يدفعك إلى المسارعة نحو الإنصاف وعدم هضم حقوق الآخرين والأخريات، إن اكتفاءك بعدم السرقة وعدم الكذب وعدم الغشل، هو دليل على عدم فهمك للإيمان الذي يأمرك بعد عدم السرقة والكذب والغش، بالدعوة إلى الأمانة والصدق والإنصاف، ألم نتفق منذ البداية على أنك من أمة مخرجة؟

إن مهمة إعمار الأرض تقع على عاتق كل الذين يظنون أنهم سيبعثون ليوم عظيم ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) المطففين 6، كي يسأل كل واحد منهم : كم بطنا جائعا أطعمت؟ كم عريانا كسوت؟ كم معسرا أقرضت؟ كم مريضا عدت؟ كم مكتئبا أفرحت؟ كم جنازة شيعت؟ كم مظلوما أنصفت؟ كم قريبا زرت؟ كم ضيفا أكرمت؟ كم جزءا حفظت؟

إن كل الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، مكلفون بالعمل على تنمية مجتمعاتهم وبلدانهم التي يعيشون فيها ثم الانطلاق نحو الاقتداء بالمبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم، وما هذه التأخرات الاقتصادية والتعليمية والصحية إلا دلائل واضحة على أن فكرة الإيمان لم تنضج بعد في أذهان الكثيرين الواقفين حتى الآن على ضفاف الإيمان.

الإيمان قوة دافعة نحو الرغبة بالتنمية، والإعمار والتشجير والإصلاح والتدفئة والتمريض والتعليم والتطوير وكفالة الأيتام ونصرة المقهورين.

الإيمان كعاطفة روحية وجدانية يبدو قاصرا إذا لم نضف له ( وعملوا الصالحات ) النور 55، فلا يكون استخلاف ونصرة من الله جل جلاله، بالإيمان فقط، ولا يكون استخلاف ونصرة من الله جل جلاله، بعمل الصالحات فقط، الاستخلاف الكامل مرهون بإيمان كامل وصالحات كاملة، وهذا تماما ما أكرم الله به جيل الصحابة حيث كانوا ( رهبان الليل) بالإيمان، و( فرسان النهار) بالتنمية.