بقلم المستشار حسام الدين أمين
كبير المحاضرين بالاكاديمية البريطانيةكلٌّ منا يرغب فى تغيير سلوكيات مَنْ حوله إلى الأفضل، كما يرغب فى تغيير سلوكه وحياته هو. وكل الدراسات العلمية أوصلت أصحابها إلى قناعات غير عاديه بنتائج التغيير. وقد ورد فى القرآن الكريم: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
وباختصار: إننا لا نستطيع أن نغير أى إنسان آخر، فنحن نستطيع أن نوجد مناخًا للتغيير ونوجد الحافز للتغيير ونوجد أيضًا الدافع الذى
يؤدى إلى التغيير، لكننا لن نستطيع أن نغير إنسانًا تغييرًا كاملاً، ولو كان ذلك ممكنًا لاستطاع النبى صلى الله عليه وسلم أن يغير
أقرب الناس إليه، وهم أهله وعشيرته، ومن المعروف أن بعضهم مات مشركًا.
إذن، قضية تغيير الآخرين ليست ممكنة أو غاية فى الصعوبة، ولكننا نستطيع أن نغير أنفسنا، فحن نستطيع أن نوجد حافزًا فعالاً نحو
التغيير. ولكى يكون التغيير ناجحًا ومستمرًا لابد من توفّر ثلاث نقاط جوهرية:
1- لابد أن يكون التغيير ضروريًا من قبل المستفيد. 2- كسر أو مقاطعة الاستراتيجية الحالية. 3- التأقلم مع الوضع الجديد.. ونفصل كل نقطة باختصار:
1- لابد أن يكون التغيير ضروريًا من قبل المستفيد: فلابد أن يكون لدى المستفيد الإرادة والرغبة فى التغيير، وإذا لم يصل إلى هذا
الحالة من الرغبة العارمة فيجب الوصول إلى الرغبة القوية، وذلك باستخدام “الألم والمتعة” بعدها تنقله إلى المتعة التى سوف
يحصل عليها بعد أن يتغير، وكيف أن حياته ستكون أفضل وأروع إلى أن ترى فى عينيه أنه يريد التغيير، الآن وليس غدًا أو بعد أسبوع.
2- كسر أو مقاطعة الإستراتيجية الحالية: فيقوم الشخص بمقاطعة الإستراتيجية الحالية أو لخبطتها حتى يكون من المستحيل أن
يعيد القيام بنفس الإستراتيجية من جديد. ونضرب مثالاً لهذه النقطة؛ فإذا كنتَ تشغّل إسطوانة سى دى، وقمت بإخراجها من
الجهاز، وخدْشها إلى أن يصبح من المستحيل تشغيلها من جديد.
3- التأقلم مع الوضع الجديد: لكى يكون التغيير ناجحًا ومستمرًا تأكد أن المستفيد مرتاح للوضع الجديد، فإذا لم يكن يشعر براحة مع
الوضع الجديد، فسوف يعود إلى وضعه القديم، والأسوأ من ذلك إذا لم تقدم له البديل فلن يتغير أبدًا.
ولابد من إيجاد روابط إيجابية مع الوضع الجديد، حتى يرى أن هذا الوضع رائع ولا يريد تغييره؛ فمثلاً عندما يأتينى شخص يريد الإقلاع
عن التدخين، وبعد القيام بالخطوة الأولى وهى جعل الإقلاع ضروريًا، ثم تغير استراتيجية التدخين لديه بعدّة تقنيات، أقوم بغرس عادة
جديدة وبديلة مثل بدل أن يدخّن يأخذ حبة نعناع كمعطر للفم، ويجب أن يرتاح مع هذه الاستراتيجة الجديدة ويربطها بروابط إيجابية،
وبيان أثرها على جميع مجالات حياته، حتى يتبنّى القيام بهذه الاستراتيجية وهو فرح بهذا التغيير.
ومثال آخر شخص يريد أن يقوم بعمل رجيم أو نظام غذائى، فبعد أن أجعل التغيير ضروريًا بتقنية المتعة والألم، أكسر وأقطع
إستراتيجية المستفيد الذهنية، والتى تجعله يميل إلى تناول أكلة مفضلة، وبعد ذلك أجعله يتأقلم مع الرجيم والرياضة، وأربط روابط
سعيدة معها, فلا يراها كأنها متعبة أو مؤلمة أو مرهقة؛ لأنه إذا وجد الوضع الجديد مؤلمًا فسوف يتوقف ويعود من جديد إلى العادة
القديمة، لذلك لابد من التأقلم والارتياح حتى يكون التغيير مستمرًا إلى الأبد.
كيف تغير نفسك ؟
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة