الإعجاز بفضل الله أولاً ثم بالأمل ثانيآ يتم الشفاء

تنمية بشرية
طبوغرافي

الأمل هو النبع الصافى للرجاء الذى ينطلق من هناك من خلف مئات الملايين من جدران الذات، يحرك روحنا عبر دفقات الأمانى المتتالية نحو التمسك بالحياة ..هو لحظة تأمل تتجلى فى الظروف الصعبة فتهديك لطريق العبور وفى لحظات المعاناه واليأس تفتح لك طاقة النور ..الأمل هو من يحيك للإنسان ثيابًا من المرح والفرح والإيجابية وفى غيابه التناهى والتلاشى والعدم..فما الذى يجعل المغترب يتحمل ساعات الألم والضيق والحرمان والمعاناة؟ إنه الأمل فى العودة للوطن ورؤية الأهل والأحباب

الأمل هو من يعطى المريض القدرة والطاقة اللازمة للانتصار على المرض.. يحكى لى صديقى الطبيب أن رجلاً كان يعانى من مرض عضال وشديد العدوى وفى الحجر الصحى، وأنه طبقًا لنظريات الطب يجب أن يكون ميتًا، لكنه تعجب من تمسك هذا الرجل بالحياة، وأصر أن يعرف السر فأخذ يراقب تصرفاته كل يوم،

وذات صباح وجده يتحأمل على نفسه ويذهب نحو النافذه ويشير ويضحك، فدخل عليه الحجرة فوجده يتحدث إلى فتاة صغيرة عبر سور المستشفى وتحدثه بصوت عالٍ قائلة “وحشتنى يا بابا جدًا ونفسى أقرّب منك وأتمنى أنى أحضنك، تعالَ اخرج.

. نفسى تكون معانا فى البيت”؛ فبكى الطبيب..وفى وهن بكى المريض وكاد يسقط.. فحمله الطبيب وساعده على العودة إلى فراشه..وعاد إلى النافذة وقال للفتاة: اذهبى الآن وتعالى غدًا أنت ووالدتك وسوف تحضنى والدك وتقتربى منه كما تريدين إن شاء الله.

وسأل المريض: ما اسمها؟ قال: أمل وهى التى تهبنى عبر صوتها الصغير الحانى الرغبة فى التمسك بالحياة.

أصر الطبيب أن يسمح لابنته وزوجته بزيارته رغم ما تكبدته المستشفى من إجراءات للتعقيم، وتكررت الزيارة وتخيلوا ماذا حدث؟!  لقد شفى هذا الرجل فى شبه إعجاز بفضل الله أولاً ثم بالأمل!

الأمل من أعلى القيم وأهمها، فالتمسك به وإشعال شمعته يحافظ على شموع القيم.. إن شمعة الحب وهى تذبل تقول لم أعد أملك القدرة على الاستمرار فالناس لم تعد تقدر قيمتى وتهتم لأمرى ونسوا حتى حب أقرب الناس إليهم ..

بينما شمعة السلام تقول وهى تخفت: لا يستطيع أحد المحافظة على نورى ليس لى سبب للبقاء لذا سأرحل.. فشمعة الإيمان وهى تضعف جدًا تقول: لا أحد يمسك بى بصدق، وقد أطفأتنى رياح المعاصى ، لكن لا تقلق يا صديقى طالما تشتعل شمعة الأمل ستنشر الحب بكل صنوفه وألوانه طمعًا فى السعادة ..

ستهدى قلوب الطامحين المتصارعين على عرض الدنيا الزائل وتجعلهم يجنحوا للسلام أملاً فى السكينة.. ستعيدك على الدرب الضيق من دياجير المعاصى إلى أنوار الايمان رجاءً فى الجنة. . أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيشَ لولا فسحةُ الأمل

وها هو صلى الله عليه وسلم يحكى لأصحابه وهم يحفرون الخندق لصدّ عدوان الظالمين، وكيف أن الله سيفتح عليهم بلاد الفرس والروم متجاوزًا بهم الأفق وعابرًا بأفئدتهم اللحظة الآنية التى تبدو على المنافقين صعبة وعسيرة إلى المستقبل الرحب، ناشرًا من حولهم حالة الثقة والأمل .. إنه حبيبى وأستاذى صانع الأمل .

لكن حتى يكون الأمل حقيقيًا فعالاً يجب عليك ألا تسافر للصحراء بحثًا عن الأشجار الجميلة، فلن تجد غير الوحشة والضياع، فلا نعنى بالأمل السباحة فى الخيال مع الخمول والكسل، بل أقرن الأمل بالعمل المستمر الدءوب.

آنذاك ستجد أشحار التحقيق والإنجاز الوارفة تحتويك بظلها وتسعدك بثمارها ويشجيك تغريد الطيور عليها.
والمتأمل فى خلق الإنسان يجد أن الله حين أنزله إلى الأرض أنزل معه الأمل، فقال عزوجل مخاطبًا آدم عليه السلام: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى} [طه: 118 – 119].