نحو مزيد من الرضا

تنمية بشرية
طبوغرافي

كثير من الناس يتصور أن له قدرات وقوى خاصة ومتميزة عن الآخرين وهو ما يطلق عليه (في حالته البسيطة ) الغرور فإذا زاد سمى بالبارانويا أو جنون العظمة وهذا اضطراب نفسى خطير.
وآخرون يشعرون بعدم القيمة والكفاءة وأنهم غير قادرين على الإنجاز وأقل من أن يؤثروا في الآخرين من حولهم ويشتد هذا العرض فنصل إلى الإغتراب والعزلة الاجتماعية وهذا يورث الإكتئاب وهكذا فالاضطراب النفسى ينتج عن خلل ما في تصور الذات إما الإيجابية المفرطة في تصورها بشكل يخالف الواقع .

وإما السلبية المفرطة في تصورها أيضاً .
فنجد الإنسان يقول أشعر أننى لست على ما يرام ؟ لا أعرف ما أريد وأتعجب من نفسي وهكذا يعيش الإنسان في حالة من الضبابية والغموض...

فطريقنا للسواء يأتي إذن عبر تصور صحيح للذات - إلى حد ما – يكون متسق مع الواقع ومع نظرة الآخرين إلى .
لكن كيف السبيل إلى ذلك ؟
قدم لنا "كارل روجرز"في علاجه المتمركز حول الشخص أسلوبا رائعا لتقويم الإنسان لذاته بمساعدة بسيطة من الطبيب النفسى أو أحياناً بدون مساعدة من خلال مجموعة من الحقائق والأسئلة التى سأتناقش فيها مع نفسى وأحاول أن أجد إجابات وأكتبها لكن بدايةً على أن أجلس في مكان هادىء لمدة 15 دقيقة آخذ فيها نفساً عميقاً وأركز فيها على هواء الشهيق والزفير فقط ولا أفكر في أى شيء آخر، ثم أسأل نفسى فيما يلى :-
. من خلال علاقاتي للأشخاص وجدت أنه من غير المُجدي أن أتعامل معهم على المدى الطويل كما لو كنت شخصا مختلفا.

. وجدت أننى أكون أكثر فعالية حينما أستطيع الاتصال مع ذاتى بشكل مقبول وأن أكون كما أريد .
. وجدت أنه من الأهمية بمكان أن أستطيع السماح لنفسى أن أفهم شخصا آخر .

. وجدت أنه من المهم بالنسبة لى أن أفتح قنوات يمكن من خلالها أن أتواصل مع مشاعر الآخرين وأدخل إلى عالمهم الإدراكى الخاص جداً.

. وجدت أننى أحظى بتقدير هائل عندما أتقبل شخصاً ما .
. أكون أكثر انفتاحاً على الواقع وعلى الأشخاص الآخرين لكن هذا الانفتاح يقل عندما أندفع لمحاولة إصلاح تصرفات الآخرين وكل شىء.

. أستطيع أن أثق في خبراتى .
. تقويم الآخرين لى لا يعد موجهاً أو مرشداً لأنى الشخص الوحيد القادر على معرفة صدق وكمال أو خطأ وفساد ما أفعله.

. الخبرة بالنسبة لى هى قمة السلطة ومن خلال الخبرات وتعاملى معها أستطيع أن أكتشف تقديرى لذاتى بشكل أكثر صدق لكى أثق بها.

. أستمتع باكتشاف ما تحتويه الخبرة (التجربة ) من نظام .
. الحقيقة ضالة من يبحث عنها فمن خلال التعليم يتم إعادة تنظيم ما ينقص الخبرة .
. هناك بعد شخصى ومميز إلى حد كبير في كل فرد يكون الخوض فيه مع الآخرين والحديث عنه أكثر عمقاً من أى حديث آخر.

. أصبحت أكثر قناعة بأنه كلما كان الشخص محبوباً ومقبولاً من الآخرين كلما حاول أن تكون أفعاله صائبة وأكثر إقبالاً على الحياة.

. الحياة في أفضل أحوالها تكون مختلفة متدفقة متغيرة لا شىء يستطيع أن يوقفها .
إن هذه الطرق كلها تقوم على افتراض أساسى أننا كبشر جيدون طيبون بطبيعتنا خيرون كما قال "روسو"الفيلسوف الفرنسى "وشافتسبرى" الفيلسوف الانجليزى .

وكل إنسان يسعى لتحقيق ذاته في المجتمع لكن نتيجة خلل في القيم وانحراف الرؤية قد يستخدم الأساليب المنحرفة في سبيل تحقيق ذاته . ولو أنه وجد من يحدد له أهدافه الإيجابية والطرق السليمة لتحقيقها لحقق إنجازات شخصية عظيمة.

إن كل إنسان يستطيع هو بنفسه ببعض الإرادة والمعرفة أن يتفهم إمكاناته الصحيحة في الحياة مع تنمية استقلاله وثقته بنفسه وبالتالى يعمق حالة الرضا عن النفس ورضا الآخرين عنه وهذا هو السواء النفسى .

وهنا لا يجب أن تغفل الجانب الدينى الذى يعتبر الأساس القوى للسواء النفسي وهذا ما سنتعرض له في الجزء الثانى من المقال في العدد القادم إن شاء الله .