النبوءات، التي تنبأ بها النبي صلوات ربي وسلامه عليه، بما يوحى إليه

تنمية بشرية
طبوغرافي

 النبوءات، التي تنبأ بها النبي صلوات ربي وسلامه عليه، بما يوحى إليه، وكلها حدثت، وفي الدرس الأخير الدرس التاسع والعشرين، حدثتكم عن الأزمان الصعبة التي رأينا بعضًا من مظاهرها، والأزمان التي ستأتي في تاريخ الأمة، وفي تاريخ العالم، وإنها حادثة لا ريب في ذلك كما ذكر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وهذا الدرس وعدتكم به في ختام الحلقة الأخيرة، قلت لكم أتمنى أن أقدم لكم درسًا بعنوان: "إن طال بك الزمان، فسترى عهودًا غير العهود، وسترى بشرًا قلوبهم بخلاف ألسنتهم" أنا اقتبست هذه الجملة التي هي عنوان درس الليلة من قول النبى صلى الله عليه وسلم، لعديّ بن حاتم الطائي قبل أن يسلم، لإن طال بك الزمان، لترين كذا، وكذا، وكذا، يقول عدي بن حاتم كما حدثتكم، في الدرس الخامس والعشرين: كل ما قاله النبي تحقق، ورأيته بنفسي، لكن الأخيرة لم أرها.

لإن طال بك الزمان، الكلام الآن لكم، وإني في هذا الدرس سأجمع لكم الكثير مما سيأتي من أمور صعبة، أو أمور مبشرة، إن طال بكم الزمان، ماذا ستشاهدون؟ إن طال بك الزمان، سترى الناس يعتبرون الزكاة مغرمًا، والزنا زيارة، يا حبيب الله هذان الأمران حدثا في أمتك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كثرة الشح، واستحلال الزنا والخمر:
كثير من الناس يتخذون الزكاة مغرمًا، أي تؤدي بهم إلى الدَّين، وتُعجّل بفقرهم، وعاد الناس إلى أخلاق الأعراب، الذين تحدّث القرآن عنهم في خواتيم سورة التوبة، لا تقوم الساعة حتى يتخذ الناس الزكاة مغرم .
وحتى يكون الزنا زيارة، معذرة، ذكرنا ظاهرة الذين يمارسون الزنا في الشوارع، والناس يمرّون عليهم، ولا يجرأ أحد أن يقول له هذا حرام، إنما الناس يتحدثون معهم بلغة الاستحباب، هلّا واريتها خلف هذا الجدار؟ الأمر عادي افعل ما تريده، لكن ليس أمام الناس.
الزنا زيارة، أي يزور الرجل امرأة في الحرام، كما يزور أخته أو زوجته، أو أمه ولا تفريق بين حرام أو حلال.
وهذه الظاهرة ظاهرة مؤلمة، وكنت لا أحب أن أتكلم فيها، انتشار الزنا في العالم الإسلامي، وجود بيوت دعارة مصرح بها من قبل بعض الحكومات، وجود حانات لشرب الخمر، وجود أماكن سلمكم الله تعالى تمارس فيها الفاحشة، وفنادق تمارس فيها الفاحشة بتصريحات رسمية كل هذا موجود يا رسول الله.
محلات لبيع الخمور، موجود يا رسول الله، وهناك أسماء لا أستطيع أن أذكرها، أسماء معينة لأماكن معينة، يأوي إليها الناس لممارسة الفاحشة.
التصديق بالمنجمين والدجالين، والحظّ:
لإن طال بك الزمان، سترى الناس يصدقون بالنجوم والكواكب، وعلم الفلك، لا يفعل شيئًا إلا بعد أن يسأل المنجمين والكذابين والدجالين.
صدقت يا رسول الله هكذا كان الناس في الجاهلية، يستقسمون بالأزلام، عاد هذا الأمر الآن جليا يا حبيب الله، وصار الناس يصدقون بالنجوم، لإن طال بك الزمان، لن ترى عالمًا صادقًا مع الله، سيموت العلماء، ويبقى السفهاء، يضللون الناس، ويدورون في فلك هؤلاء الذين ذكرناهم في الدرس الماضي، وهم الرويبضة، يخرجون فتاوى على حسب أهوائهم، وحدث هذا يا حبيب الله.
كثرة المنافقين:
لإن طال بك الزمان سترى وجوهًا بخلاف الوجوه التي تراها الآن، سترى أناسًا يبدو لك من ظاهرهم أنهم يخافون الله، ولكنهم في حقيقة أمرهم إذا خلوا إلى أنفسهم وإلى شياطينهم، فإنهم لا يعرفون حرامًا، ولا حلالًا.
لإن طال بك الزمان، سترى هؤلاء الذين يخافون الله عزّ وجل في الظاهر، ويتكلمون بقال الله وقال رسول الله، ولكن عندما يتعرضون للفتن فإنهم لا يعرفون الله ولا رسوله.
ويقول النبى صلى الله عليه وسلم: يأتي على أمّتي زمان لا يدري الرجل هل ماله من حرام أم ماله من حلال، أي يستوي عنده الحرام والحلال. يعمل أعمالًا كلها محرمة عند الله سبحانه وتعالى، لكنه يعتقد أنها حلال.
لإن طال بك الزمان، سترى أناسًا لا يعرفون كلمة "الله"، الله ليس في حياتهم، هم من جلدتكم، وأسماؤهم كأسماءكم، وهم من أهلكم أيضًا، لكن الله ليس في حياتهم، لا يبالون بحرام أو بحلال.
الله ليس في حياتهم، لإن طال بك الزمان، سترى هؤلاء الذين لا يعرفون الله يتهكّمون على من يصلي، { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } يعتبرون الحجاب والنقاب واللحية شيئًا ساخرًا، وقد حدث هذا يا حبيب الله فى أمتك، وسيأتي ما هو أصعب من هذا.
هدم الكعبة في آخر الزمان:
وعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة، ويسلبها حليها ويجردها من كسوتها، ولكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته ومعوله"
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "في آخر الزمان يخرج ذو السويقتين من الحبشة على الكعبة قال حسبت أنه قال فيهدمها"
وعنه - رضي الله عنه - قال: "ذو السويقتين من الحبشة يخرب بيت الله"
ومن علامات قرب قيام الساعة أن يندرس الإسلام وتنمحي تعاليمه ومظاهره بسبب الفتن والمعاصي والجهل، فلا يبقى في الناس صيام ولا صلاة ويرفع القرآن من صدور الناس فلا يبقي في الأرض منه آية ويشيع الجهل في الناس حتى يقول الشيخ الكبير والعجوز: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة ( لا إله ألا الله ) فنحن نقولها.
عن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدرس الإسلام كما يدرس وشيء الثوب حتى لا يدرَى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها"
صدق رؤيا المؤمن من علامات الساعة:
الرؤى والأحلام في المنام لها معان و أحكام منها ما هو صادق كفلق الصبح ومنها ما هو كاذب ومنها أضغاث أحلام وأحاديث نفس وقد
أخبر البني صلى الله عليه وسلم أخبارا عن الرؤى تتعلق بأشراط الساعة وعلاماتها، والرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة، فعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبقى بعدي من النبوة شيء إلا المبشرات" قالوا : يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: "الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له "
وصدق الرؤيا وكونها بشارة للمؤمن هي علامة على قرب الساعة ونهاية العالم حيث تكون الرؤيا أكثر صدق ومطابقة للواقع والمؤمن أكثر صلاحا وغربة بين الناس، وكأن الرؤيا أنيس له لما أصبح غريبا بين الناس فقلما تكذب رؤياه.
قال صلى الله عليه وسلم : "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم، حديثا ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءًا من النبوة والرؤيا ثلاث: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم ولينفل، ولا يحدث بها أحدًا من الناس، وأحب القيد من النوم أكره الغل القيد ثبات الدين"
تقارب الزمان:
ومن أشراط الساعة استكمالاً لما سبق: تقارب الزمان، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان)).
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة)) رواه الإمام أحمد بسند صحيح.
ما معنى تقارب الزمان؟ معنى تقارب الزمان، قلة بركة الزمان، كما سمعتم في الحديث تكون السنة كالشهر، تمضي عليك السنة ولم تفعل شيئاً، ولم تنجز عملاً يذكر، كأنه شهر، والشهر يقل بركته، فيصير كالأسبوع، والأسبوع كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق السعفة، كم يستغرق وقت احتراق السعفة، بضع دقائق، الساعة بركتها كالدقائق والله المستعان.
وأظن أن الكثيرين منكم فعلاً يشتكي من هذه القضية، يمر عليك اليوم، واليومان والشهر والسنة، والإنجاز قليل، والعطاء ضعيف، السبب هو ظهور الأمور المخالفة للشرع في حياة الناس الخاصة، وفي مجتمعاتهم، إنه من الغلط ربط قلة البركة ونزعها من حياة الناس بغير القضايا الشرعية، إن علاقتها المباشرة بالأمور الشرعية ولا غير، يشتكي الناس من قلة البركة في الأوقات كما كان في الماضي، يشتكي الناس من قلة البركة في المال، يستلم الموظف عشرة آلاف أو أكثر، ولا يدري أين ذهب الراتب وفي الماضي كان يأخذ نصف راتبه الآن، ويجد ما يوفر بل ويتصدق، يشتكي الناس قلة البركة في الأولاد، نعم لديك سبعة أو ثمانية من الولد، لكن أين هم؟ ما وجودهم، ما قيمتهم بين الناس؟ هذه وغيرها يشتكي الناس من نزع البركة فيها.
هذا ما بقي يا إخواني، وأخواتي، من عمر الزمان، فاغتنموا فرصة هذه الأيام، وفرصة هذه الدروس، التي أقدمها لكم في آخر الزمان، وإن طال بك الزمان سترى النبي حقا، وترى كلامه حقا..
إخواني وأخواتي، وإن طال بكم الزمان سترون ما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم..
{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ}