مهارات التفكير .. سبيلك إلى الجنة

تنمية بشرية
طبوغرافي

الإعلامية/ زينب طلعت حسن
مدرب دولى

كل إنسان بحاجة إلى تعلم أساليب ومهارات التفكير والتى يمكن إتقانها بتدريب خاص على هيئة مستقلة فى منأى عن المناهج الدراسية ومما لا شك فيه أن للتفكير أهمية فى تحليل القضايا والأحداث، فالفكرة منشأ كل خير طريقها الطاعة ومنتهاها الجنة والفكرة أيضًا منشأ كل شر طريقها المعصية ومنتهاها النار .

وأهم أخطاء التفكير التى يقع فيها كثير من الناس هي: تفسيرات وتأويلات خاطئة تسوق أصحابها للهاوية فهذه زوجة فسرت إعراض زوجها عن أكلة معينة بأنه لا يحب طبخها، وأخرى تفسر عدم رغبة زوجها فى زيارة والدتها بأنه يكره حماته مما يؤدى بهم لمشاكل أسرية تنتهى بهم للانفصال والطلاق ومن ثم التفكك الأسري، وهذا رجل قد سخر من حكمة الله وقال لأحد المؤمنين: "لو كان الله حكيمًا، لخلق حبة البلح كبيرة لأن النخلة ضخمة، وأما البطيخة لصنعها صغيرة لأن نبتة البطيخ صغيرة"، فلم يجبه المؤمن على هذا الاعتراض مع أنه كان واثقًا من حكمة الله الفائقة.. وفى أحد الأيام، بينما كان هذا الرجل غير المؤمن مستلقيًا ونائمًا فى ظلّ النخلة، اذا بحبّة بلح تسقط على وجهه، فقام مذعورًا ولمّا اكتشف ما حدث، قال: " كان خيرًا أن الحبّة صغيرة، لو كانت كالبطيخة لهشّمت رأسي"!
وهكذا كل مقدرات الله تعالى تكون خيرًا لأصحابها ولكن لا يدرك حكمة الله تعالى منها إلا من امتلك مهارات التفكير السديد.

وهذه بنت صغيرة تسأل أمها: " لماذا يداك مشوّهتان؟، فأنا أحب كل شيء فيك، يا أمي، ما عدا هاتين اليدين المحروقتين!" فتجيبها الأم: " عندما كنتِ طفلة يا صغيرتي، شبّت النيران فى المنزل، وهممت لأطفئ بيدى اللهيب الذى اشتعل فى ثيابك. وأن هذه الحروقات هى أثر ذلك الحادث ". اندهشت البنت الصغيرة وضمّت اليدين المشوّهتين الى صدرها وأخذت تقبّلهما بحرارة والدموع فى عينيها وقالت " ماما، ما أجمل يديك!، أكثر شيء أحبّه فيك هو يداك اللتَان كانتا سببًا فى إنقاذى".

وهناك أناس امتلكوا مهارات التفكير السديد فقادتهم إلى الجنة.. هذا رجل أتى إلى إبراهيم بن أدهم- رضى الله عنه- فقال: يا أبا إسحاق إنى مسرف على نفسي، فاعرض علىّ ما يكون لها زاجرًا ومستنقذًا.

فقال إبراهيم: إن قبلت خمس خصال، وقدرت عليها لم تضرك المعصية.

قال: هات يا أبا إسحاق. قال أما الأولى: فإذا أردت أن تعصى الله تعالى، فلا تأكل من رزقة! قال: فمن أين آكل وكل ما فى الأرض رزقه؟ قال: يا هذا! أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتعصيه؟!
قال: لا. هات الثانية. قال: وإذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئًا من بلاده؟ قال: هذه أعظم، فأين أسكن؟
قال: يا هذا! أفيحسن بك أن تأكل رزقه، وتسكن بلاده، وتعصية؟ قال: لا. هات الثالثة! قال: وإذا أردت أن تعصيه، وأنت تأكل رزقه، وتسكن بلاده، فانظر موضعًا لا يراك فيه فاعصه فيه؟! قال: يا إبراهيم! ماهذا؟ وهو يطلع على ما فى السرائر؟ قال: يا هذا! أفيحسن بك أن تأكل رزقه، وتسكن بلاده، وتعصيه وهو يراك ويعلم ما تجاهر به وما تكتمه؟! قال: لا. هات الرابعة. قال: فإذا جاءك الموت ليقبض روحك، فقل له: أخرنى حتى أتوب توبة نصوحًا، وأعمل لله صالحًا! قال: لا يقبل مني؟ قال: يا هذا! فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب، وتعلم أنه إذا جاءك لم يكن له تأخير، فكيف ترجو وجه الخلاص؟! قال: هات الخامسة! قال: إذا جاءك الزبانية يوم القيامة، ليأخذوك إلى النار، فلا تذهب معهم؟ قال: إنهم لا يدعونني، ولا يقبلون مني. قال: فكيف ترجو النجاء إذن؟ قال: يا إبراهيم، حسبى، حسبي، أنا أستغفر الله وأتوب إليه. فكان لتوبته وفيًّا، فلزم العبادة، واجتنب المعاصى حتى فارق الدنيا.

وأخيرًا يقول رينيه ديكارت: لا يكفى أن يكون لك عقل جيد. الأهم هو استخدامه بشكل جيد. ونؤكد هذه المقولة بأن مهارات التفكير السليم هى سبيلنا للجنة ؟