لماذا أثق بنفسي؟!

تنمية بشرية
طبوغرافي

د. شريف أبو فرحة
كاتب ومحاضر

الثقة بالنفس هي إحساس الشخص بقيمة نفسه بين من حوله فتترجم هذه الثقة كل حركاته وسكناته ويتصرف بشكل طبيعي دون قلق أو رهبة فتصرفاته هو من يحكمها وليس غيره....
لماذا لا تشعر بالثقة بالنفس أحيانًا؟!!
أولًا: وجود نموذج مثالي لشخصيتك تريد أن تطابقه دائمًا.


وقد يكون هذا النموذج بسبب الكثير من الأحداث التي حدثت لك منذ الطفولة، فربما حدث لك موقف في الطفولة أزعجك كثيرًا، فتشعر بعدها بهزة الثقة في النفس، والسبب أنك تفكر في تصرف لم تتخذه وقتها، وتظن أنه كان التصرف المناسب وتتمنى أنك اتخذته، وتفكر في كل موقف مشابه يحدث لك الآن بنفس الطريقة، حتى تنسى السبب الرئيس، وتفكر فقط في شعورك بالعجز عن التصرف في كثير من المواقف.


تعليقات الناس حولك هي تتبع هذا السبب أيضًا، فرغبتك الطبعية في الحصول على مديح الآخرين وثنائهم، تجعلك تتوتر لدرجة تشعر فيها بعدم القدرة على التصرف المناسب، وتبدو كإنسان تائه وسط الأحداث والأشخاص.


أما السبب الثاني، وهو الأكثر انتشارًا، فهو:
وجود نموذج تخيلي لشخصية ما تقارن نفسك بها، وتتمنى أن تكون مثلها!!
فحين يحدث موقف ما، يستدعي عقلك هذا النموذج، ويعقد المقارنة بين تصرفك وشعورك، وبين التصرف المتوقع والشعور المتوقع لهذه الشخصية، فمثلًا تضع والدك نموذجًا للشخصية المثالية، وحين تقابلك أحداث الحياة، تقول دون أن تدري: ماذا لو كان والدي في هذا الموقف؟ كان سيتصرف بصورة رائعة لا أستطيع أن أتصرف مثلها، فتشعر بالهزة تملأ كيانك كله، وتحكم على نفسك بحكم صارم يقول: لا أمتلك الثقة بالنفس، ولا أشعر بها!!


كيف ترفع من شعورك بالثقة بالنفس؟!!
لاحظ أولًا أنني قلت (ترفع من شعورك بالثقة بالنفس) ولم أقل (ترفع ثقتك بنفسك) !!
اعلم أنه لا يوجد في الحياة ما يسمى الشخصية المثالية، فهذا وصف نسبي جدًا، فتذكر هذا دائمًا، أنت مناسب لكل موقف تكون فيه، وقدراتك مناسبة لكل موقف تكون فيه.


اعلم أن ما مرّ بك من أحداث لو تكرر الآن فبالتأكيد ستختلف ردود فعلك، أنت الآن تمتلك الخبرة وتستطيع التصرف، أما وقتها فلم تكن تمتلك الخبرة ولا القدرة على التصرف.
اعلم أن الآخرين لا يتابعون كل ما تفعله، لأنهم مشغولون بأنفسهم، وإن تابعوك حقًا، فاعلم أن مقاييسهم للأمور هي مقاييس نسبية، فليس كل ما يراه الناس صحيحًا هو صحيح بالفعل، وليس كل ما يرونه خاطئًا هو خاطئ بالفعل.


اعلم أنك أنت صاحب قرارك، ووضعك ومشاعرك من صنعك، فاتخذ قرارك أن تكون قويًا في مواجهة الحياة، اختياراتك هي الأفضل في وقتها، لأنها نابعة منك ومن فهمك للموقف، وأخطاؤك هي أفضل أخطاء يمكن أن تكسبك الخبرة والعلم.