بقلم / عميد أمين يوسف
مدرب ومحاضر تنمية بشرية
السعادة ليست فى الجمال ولا فى القوة ولا الصحة ولا فى الغنى السعادة فى كيفية استخدام العقل لهم جميعا، وأنها ليست الحصول على ما لا نملك بل نقدر ونفهم قيمة ما نملك، وأن السعيد فيها ما وُعظ بغيره، هى
الحياة– علمتنى أن أكون أخرسا عاقلًا خيرا من نطوق جهولا، وهمست لى ألا أظن أن الصمت نسيان– فالأرض ساكتة وفى جوفها ألف بركان! وقالت العقلاء أربعة من ترك الدنيا قبل أن تتركه، ومن أرضى ربه قبل لقاه،
ومن صلى قبل أن يصلى عليه، ومن بنى قبره قبل أن يدخله، وعلمت منها أن الأحلام للذين ينامون على الريش ليست بأجمل من الذين ينامون على الأرض كلها أحلام،
علمتنى الحياة أن الصوت الهادئ أقوى من الصراخ والأدب يهزم الوقاحة وأن الضعيف لا يغفر فالمغفرة شيمة الأقوياء الذين يسامحون والضعفاء ينتقمون والأذكياء يتجاهلون هى الحياة
وشاهدت أن الرياح لا تكسر إلا يابس الأغصان فتعلمت المرونة ونجوت، علمتنى الحياة أن لا أحزن على شيء فقدته فربما لو ملكته لحزنت أكثر– هى الحياة؟!-
ضحكت وقالت الغباء أن تفعل الشيء مرتين بنفس الأسلوب والخطوات وتنتظر إجابة مختلفة-غباء– علمتنى ألحياة أن جودة الكلام فى الاختصار– أليس خير الكلام ما قل ودل؟- وأن لا أكون لينًا فأعصر ولا صلبًا فأكسر– أليس خير الأمور وسطها؟
نادت لى الحياة وقالت يا بنى أصدق مع نفسك يصدق معك الآخرون، وأشارت إلى العصفور ورأيته لا يقم عشا فى محبسه- أليست العبودية درسا للصغار-؟ والحرية
أمل الأخيار– فتمنيت عيش الأحرار وكسر سلاسل الحصار والانكسار أملا فى غد مشرق برحيق الأزهار- هى الحياة– تعلمتها- وعلمتنى أن لا أنظر للماضى فلو بيه خيرًا لحضر أمامى
وقال إن الكلام كالدواء قليله منقذ وكثيرة مهلك، قالت الحياة شيئان يدمران الإنسان الانشغال بالماضى والانشغال بالآخرين فانشغلت بنفسى فنجوت–
ووقفت كثيرا متأملا قول العلى القدير "وما الحياةُ الدنيا إلا لعب ولهو ولدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون "وقوله- سبحانه الواحد الصمد "من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعًا بصيرًا" فقلت الحمد لله فأمنت وهديت واهتديت هى الحياة ذكرتنى بقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم "إذا لم تستحى فأصنع ما شئت " وقول عمر رضى الله عنه " من قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه " فأخذت الحياء دربى ومنهجى– هى الحياة مدرسة قالت بنى إذا لم تجد ما تحب فأحب ما تجد، وإذا لم تسأل لن تحصل على إجابة وأبصر وتعلم وكد– فما نيل المطالب بالتمنى ولكن تأخذ الدنيا غلابا– هى الدنيا– دار بلاء وامتحان– فهل استعددت؟