استيقظت قرية المطيعة بأسيوط علي فاجعة انتحار طالبة بالثانوية العامة بإطلاق النار على نفسها بعد كذب شقيقها عليها "مازحًا" بشأن نتيجتها في الثانوية، حيث أكد لها رسوبها في مادتين على الرغم من نجاحها بمجموع 86%.
وقال والد الطالبة، إن شقيقها ذهب لإحضار النتيجة لها وفور عودته قال لها مازحا إنها رسبت في مادتين فتخيلت أن الخبر صحيح فدخلت الحجرة مسرعة وأطلقت على نفسها أعيرة نارية
هذه الحادثة لم تكن الأولي من نوعها في مصر ، حيث يلجأ «الفتيات والشباب» لممارسة عادة ترويج الأكاذيب والمزحة والمواقف المضحكة التي تكون طريفة أحيانا، وأحيانا أخرى تتحول إلى مأساة.
وكم رأينا وسمعنا للكذب من عواقب سيئة وحقد وضغائن وتقاطع بين الناس، وكم جرت هذه الكذبة على الناس من ويلات بين الأخوة وبين أهل البيت، وكم عطلت على الناس من مصالح نتيجة ذلك، وكم أوقعتهم في خسائر مادية ومعنوية وغير ذلك، مهما اختلفت المسميات لابد من أن نتبرأ من الكذب، وألا يكون منهجا لحياتنا فهو محرم في كل الديانات خاصة الإسلام، والكذب فيه افتراء على الله لأن الله خلق واقعة معينة، وأنا بالكذب أقول أنها لم تحدث وأنسب واقعة خيالية إلى الله عز وجل، ومن هنا يبدو الأمر وكأنه افتراء على الله لذا حرم الله الكذب في كل الديانات.
فالكذب مذموم أصلا ولا يصلح في جد ولا هزل، كما قال ابن مسعود: إن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل.
ولعل من الحكمة في النهي عنه ولو في المزاح ما ذكره بعض أهل العلم من أنه يجرّ إلى وضع أكاذيب ملفقة على أشخاص معينين يؤذيهم الحديث عنهم، كما أنه يعطي ملكة التدرب على اصطناع الكذب وإشاعته فيختلط في المجتمع الحقّ بالباطل والباطل بالحقّ، وقد جاء التحذير من الكذب لإضحاك الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للذي يحدث، فيكذب ليضحك به القوم ويل له، ثم ويل له. والحديث قوى إسناده الحافظ ابن حجر رحمه الله.
قال المناوي في الحكمة من تكرار الويل في الحديث: كرره إيذاناً بشدة هلكته، وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم وجماع كل فضيحة، فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة.
وتتحدث الاستشارية النفسية الدكتورة هبة ناصف عن خطورة التعرض للأزمات القلبية المفاجئة نتيجة سماع خبر مفجع بطريقة استفزازية.
وتقول إن التلاعب بأعصاب الأشخاص قد لا يكون له الأثر نفسه بين حالة وأخرى، إذ إن ما يعتبر عادياً بالنسبة لأحدهم قد يكون مبالغاً فيه بالنسبة لآخر.
وتذكر الدكتورة أنه عند اختيار تمرير كذبة ا يصح أن تخترق الخصوصيات وأن تصيب الضحية بالصميم. إذ يكفي أن تتعلق بالعموميات بحيث تحدث الفكاهة عند نفيها وتقف عند حد المزاح المقبول.
وتعتبر أن كل ما يتعدى الخطوط الحمراء، بما فيها الإشارة إلى موت أحد المقربين أو تعرضه لحادث أو إصابته بالمرض، ينم عن أنانية وأذى مقصود. وتنظر الاستشارية النفسية إلى هذا النوع من الأكاذيب المؤذية على أنها مشابهة للجرائم الضمنية ولاسيما عندما تتضمن سيناريو يدعو إلى التعنيف ضد المشاعر..