الأستاذ الدكتور / أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامى
علمتنى الحياة أن كل يوم جديد هو عطية جديدة من الله يجب أن نعرف كيف نطيع الله فيه، وأن الوقت هو الحياة، وهو سريع الانقضاء، وما مضى منه لا يرجع، ولا يعوض بشيء.
يومك هو بين يديك الآن تزرع فيه ما تشاء، وستحصد غدًا ما زرعته فيه ، فإذا انقضى يومك حيل بينك وبينه، ولا تستطيع أن تزرع فيه خيراً، أو تمحو منه شرًّا إلا أن يتغمدك الله سبحانه برحمته.كنت أقرأ وأنا صغير كلمات الحسن البصري، وما زالت تمثل لى شعاعًا من نور، يضيء لى دروب الحياة.
كان يقول رحمه الله: ((يا ابن آدم إنَّما أنت أيَّام, كلّما ذهب يوم ذهب بعضك)) وقال أيضا–رحمه الله- فى موعظة لأصحابه: ((ولا يلهينك المتاع القليل الفاني، ولا تربص بنفسك فهى سريعـة الانتقاص من عمرك، فبادر أجلك، ولا تقل غداً غداً، فإنك لا تدرى متى إلى الله تصير)).وقال ذات يوم– رحمه الله- لجلسائه: ((يا معشر الشيوخ: ما ينتظر بالزرع إذا بلغ؟ قالوا: الحصاد، قال: يا معشر الشباب: إن الزرع قد تدركه العاهة قبل أن يبلغ)).
ويقول -رحمه الله- فى موعظة له : ((المبادرة المبادرة! فإنما هى الأنفاس، لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التى تتقربون بها إلى الله عز و جل، رحم الله امرأً نظر إلى نفسه، وبكى على عدد ذنوبه، ثم قرأ {إنما نَعُدّ لهم عدّاً} [مريم :84] ثم يبكى ويقول:آخر العدد خروج نفسك، آخر العدد فراق أهلك، آخر العدد دخولك فى قبرك.
كن على يقين أن كل يوم يمضى من عمرك هو خطوة تقربك إلى قبرك ، وهو يوم ينتقص من رصيدك، ويختم بخاتم لا يفض إلا يوم القيامة لترى قدمت فيه من خير وشر. اعمل الخير تفرح به بين يدى الملك، وانته عن الشر لا تندم، واحرص على أن تزين صفحة كل يوم ينقضى من عمرك بنور الإيمان وطاعة الرحمن.
قال الفضيل بن عياض - رحمه الله- لرجل كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة. قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك توشك أن تبلغ، فقال الرجل: يا أبا على إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال له الفضيل: تعلم ما تقول؟ قال الرجل: قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال الفضيل: تعلم ما تفسيره؟ قال الرجل: فسره لنا يا أبا على قال: قولك إنا لله: تقول : أنا لله عبد، وأنا إلى الله راجع، فمن علم أنه عبد الله، وأنه إليه راجع فليعلم بأنه موقوف، ومن علم بأنه موقوف، فليعلم بأنه مسؤول، ومن علم أنه مسؤول، فليعد للسؤال جوابا، فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال تستره، قال: ما هى؟ قال: تحسن فيما بقى يغفر لك ما مضى، وما بقى فإنك إن أسأت فيما بقى أخذت بما مضى وما بقي”.
وكلنا يعرف النووى مؤلف كتاب رياض الصالحين هل تعرفون كم كتابًا ألف؟ لقد ألف خمسمائة كتاب ومات فى الأربعين من عمره قبل أن يتزوج, وكانت أمه تطعمه وهو يكتب دون أن يشعر لكثرة مشاغله.
ويقول ابن رجب: لقد كتبت بإصبعى هذا أكثر من ألفين مجلد.
يقولون: فبعد موته أخذنا كتب ابن رجب وقسمناها على عمره فكان نصيب اليوم من الكتب تسعة كتب.
وقال أبو حازم-سلمة بن دينا-(رحمه لله):”إن بضاعة الآخرة كاسدة، فاستكثروا منها فى أوان كسادها، فإنه لو قد جاء يوم نفاقها لم تصل منها لا إلى قليل ولا إلى كثير.
اللهم إنا نسألك أن تمحو ما سطر فى صحائف أعمالنا من سوء بغفرانك ورحمتك ، وتعيننا على الإحسان فيما بقى إنك أنت المنعم الوهاب.
علمتنى الحياة : أن كل يوم جديد هو عطية جديدة من الله
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة