القدوة الصالحة وآثارها الإيمانية طاوس بن كيسان العابد الزاهد والعالم العامل

محاضرات
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

الدكتور

إنه التابعي الكبير طاوس بن كيسان من أكبر أصحاب عبد الله بن عباس, وهو أول طبقة أهل اليمن من التابعين, وأدرك جماعة كبيرة من الصحابة, قال ابن كثير: أدرك خمسين من الصحابة , توفي سنة 106هـ.

 قال ابن كثير: كان أحد الأئمة الأعلام, قد جمع العبادة والزهادة والعلم النافع والعمل الصالح.

لقد كان الإمام طاوس بن كيسان  نموذجا يحتذى في تطبيق العلم, والسير به، وامتثاله, فتجده منفذا لما علم, مسارعا للأجر والثواب, مقبلا على ربه سبحانه, قال ابن كثير: توفي طاوس بمكة حاجًا, وقال ابن شوذب: رحم الله طاوسًا, حج أربعين مرة.

وروى الإمام أحمد قال: كان طاوس وأصحابه إذا صلوا العصر استقبلوا القبلة ولم يكلموا أحدًا وابتهلوا إلى الله تعالى.

حتى إنه كان ليستغرب من الغافلين والساهين، قال ابن الجوزي: أتى طاوس رجلاً في السحر, فقالوا: هو نائم, فقال: ما كنت أرى أن أحدًا ينام في السحر.

وقال ابن الجوزي: كان طاوس يفترش فراشه ثم يضطجع فيتقلى كما تتقلى الحبة في المقلى, ثم يثب فيدرجه (يعني يجمعه) ويستقبل القبلة حتى الصباح, ويقول: ((طَيَّر ذكرُ جهنم نوم العابدين)).

وعن ليث عن طاوس قال: ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه حتى أنينه في مرضه , ولما علم أحمد ذلك من قوله وكان يتأوه بينما كان مريضا توقف عن التأوه – رحمهم الله جميعا .

قال ابن كثير: كان طاوس يقول: خَفِ الله مخافة لا يكون عندك شيء أخوف منه, وارجه رجاءً هو أشد من خوفك إياه, وأحبب للناس ما تحب لنفسك.

وقال عبد الله بن المبارك: قالوا لطاوس: ادع الله لنا. قال: لا أجد لذلك حسبة. ادعوا لأنفسكم فإنه يجيب المضطر إذا دعاه.

وقال ابن جرير: قال طاوس: البخل أن يبخل الإنسان بما في يده, والشح أن يحب أن له ما في أيدي الناس ولا يقنع.

قال ليث بن سعد: قال طاوس: ألا رجل يقوم بعشر آيات من الليل فيصبح قد كتب له مائة حسنة أو أكثر من ذلك.

وقال إبراهيم بن ميسرة: قال طاوس: لا يحرز دين المؤمن إلا حفرته (يعني لا يعلم حقيقته.

وقال مجاهد لطاوس: رأيتك تصلي في الكعبة والنبي صلى الله عليه وسلم على بابها يقول لك: اكشف قناعك وبيِّن قراءتك, فقال له: اسكت لا يسمع هذا منك أحد. (فكان طاوس ينبسط في الحديث ويكثر منه بعد ذلك).

قال إبراهيم بن ميسرة: ورب هذا البيت ما رأيت أحدًا الشريف عنده والوضيع بمنزلة واحدة إلا طاوس.

وقال ابن جرير: قال لي عطاء: جاءني طاوس فقال لي: يا عطاء إياك أن ترفع حوائجك إلى من أغلق دونك بابه وجعل دونك حجابه, وعليك بطلب مَنْ بابه لك مفتوح إلى يوم القيامة, طلب منك أن تدعوه ووعدك بالإجابة.

لقد كان رضي الله عنه مثالا للعابد الزاهد المخلص لربه الذي يسعى للآخرة ولا يسعى للدنيا يعبد ربه عبادة المحب المشتاق إلى ربه ، نسأل الله العلي العظيم أن يرزقنا الثبات والهداية وأن ينفعنا بهؤلاء العباد الزهاد وأن يجعل لنا فيهم أسوة حسنة.