الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الأسلامى
علمتنى الحياة أن الدعاء فى الشدائد من العبد يقابله فضل من الله واستجابه فى الرخاء والشدائد، اعلم يقينا أنك مهما غفلت عن الله، فإنك لست مغفولا عنك، وهل لك رب غيره، وهل لك كافل وراحم ومنعم سواه، فكيف تغفل عمن أمرك بيده، ولا تقدر لك كبيرة، ولا صغيرة إلا بتقديره وعلمه، ولا تحدث لك نعمة إلا بنعمته وفضله، ولا يغفر لك ذنب إلا برحمته وغفرانه.
تقول إحدى الصالحات: كان أول ذريتى بنات حتى شعرت بتضييق من جهة زوجى ورغبته بالأولاد؛ فقرأت حديثا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ،
وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا
بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى؛ قُبِلَتْ صَلَاتُهُ)) [أخرجه البخارى 1086]
فطبقته ذات ليلة، وقمت، وصليت ركعتين دعيت بهما من قلبى بالأولاد الصالحين، وكنت متيقنة أن دعوتى
استجيبت، فحملت بعدها، وكان إحساسى أنه ذكر، فما خيب الكريم ظني، وأنا حامل بأول أولادى، تواترت
على رؤى صالحه أن الله سيرزقنى بأولاد متتالين، فرزقنى الله ثلاثة أولاد، أسأل الله أن يجعلهم من البررة
الصالحين المتقين، والحمد لله رب العالمين.
وحكت إحدى الصالحات قصة امرأة أم لأيتام ترملت وأبنائها صغار، وهى فلسطينية الجنسية، وتعيش فى
الأردن تقول: كانت تعمل الحلويات ثم تبيعها، وتقتات منها لتعيش صغارها، كانت عيشتهم بالكفاف، كبر الابن
الأكبر، وتخرج وطلب من خاله الذى يعمل فى السعودية بأن ينزل معه يبحث عن عمل هناك، ليكد على أمه
وإخوانه، وكان خاله فى إجازة من عمله آن ذاك، أكمل أوراقه ودفع مبلغًا من المال، لعمل جواز السفر، فى ذلك
الوقت كانت أمه مع أحد أقاربها فى السعودية نزلت زيارة عمرة، وفى طريق سفر الولد مع خاله فى أحد
الطرق توقفوا؛ ليرتاحوا قليلا، ويصلوا، جاء قطاع طرق، وكسروا نافذه السيارة، وسرقوا الشنطه بما فيها (كانت
شنطه صغيره فيها أوراقه المهمة وشهاداته وجوازات سفره) فلما خرجوا من المسجد، وجدوا السيارة فكانت
عليهم كالصاعقه، اتصل الابن فورا بالأم، وكانت لتوها راجعه من الحرم، تقول الأم : عندما أخبرنى ابنى بالخبر
حزنت حزنا شديدا، فقلت لمن معي: هيا نذهب نحكى لربى ماحصل، تقول: رجعت للحرم، وأخذت أبكى بكاء
الطفل، وأقص على ربى (وهو سبحانه أعلم بالحال) ومعاناتى منذ صغر أبنائي، وما واجهته من معاناة
ومتاعب فى الرزق، تقول: جلست، ولم أشعر بحالى بضع ساعات، وأنا أناجى وأدعو، ثم قفلت راجعة
لسكني، وبعد فتره اتصلت إحدى قريباتي؛ لتطمئن علينا، وكانت هى فى السعودية، وأنا اتكلم معها بالجوال
فسمعت ابنتها تنادى عليها، وتقول لها: يا أمى أحد المغردين كتب تغريدة يقول: إنه سرق سرقة، وهو نادم
عليها، تقول الأم: أنا مجرد ما سمعت سرقة وقع ببالى سرقة أوراق ابني، فطلبت من البنت التأكد، وتواصلوا
مع السارق، فكانت فعلا هى الشنطه التى بحوزة ابني، اتفقوا معه يضعها فى مكان، وتم التوصل إليها، فما
فرحت فرحة أشد من فرحة استجابة الله لدعائى .
كن دائمًا على يقين أنك مهما أذنبت، ومهما فعلت، ومهما طال هجرك لباب مولاك، فإن باب الله لا يوصد دونك إذا رجعت.
الدعاء فى الشدائد من العبد يقابله فضل من الله واستجابه فى الرخاء
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة