الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الأسلامى
حسن الظن بالله من أعظم العبادات وأجلها يقول الله جل وعلا {وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ} [يوسف:87] وقال تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} [الحجر:56].
الأولى قالها يعقوب بعد فقده لولده، والآية الثانية قالها إبراهيم بعد أن مسه الكبر وامرأته عاقر، وبشرته الملائكة بالولد.التفاؤل هو شأن المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عن أبى هريرة- رضى اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، سمع كلمة؛ فأعجبته فقال ((أخذنا فألك من فيك)).
وعن أبى هريرة- رضى اللّه عنه- قال: كان النّبى صلّى اللّه عليه وسلّم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطّيرة.
وعن أبى هريرة- رضى اللّه عنه- قال: سمعت النّبى صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ((لا طيرة وخيرها الفأل)) قيل: يا رسول اللّه وما الفأل؟ قال: ((الكلمة الصّالحة يسمعها أحدكم)).فى مكة فى شدة الأذى والحصار وصنوف المخاوف قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما شكوا إليه عظيم ما يلقونه من البلاء: والله ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون.
وفى الهجرة خرج صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضى الله عنه مطاردًا أحاطت به المخاوف من كل صوب، ومع ذلك قال لصاحبه: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]. فصدق الله رسوله: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِى الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].
وفى الأحزاب أحاط به خصومه وأعداؤه إحاطة السوار بالمعصم، فبشر أصحابه بفتح الشام وفارس واليمن.
التفاؤل حالة وجدانية قوامها الثقة بالله، يقول الله فى حديث قدسي: ((أنا عند ظن عبدى بي)) فحينما تأمل فى الله خيرًا، وتثق فى كرم عطائه، فلا شك أنه تعالى سوف يعطيك عطاء الكريم، أما لو يئست وتشاءمت، فلسان حالك يقول لله: أنا لا أثق فيك! فإن الكريم من أسماء الله وصفاته.التشاؤم يقعد عن العمل، والتفاؤل يدعو للعمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إنّ البلاء موكّل بالمنطق)) فكلامك يؤثر على حالتك النفسية؛ لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من قال: هلك الناس فهو أهلكهم)).
كان النبى -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس صبرا، وأجملهم رضا، وأروعهم تفاؤلا، وأزكاهم أملا؛ ها هو -صلى الله عليه وسلم- يُحارَب، ويطارَد، ثم يأتيه ملَك الجبال فيستأذنه أن يطبق علىٰ أعدائه الأخشبين، فماذا كان موقفه -صلى الله عليه وسلم- علىٰ الرغم من جسمه المنهك، وقواه المحطمة، وحسرته البالغة؟ يهتف فى هدوء المؤمن، وثبات المؤمل، ويقين الموحِّد: ((لا، بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده فلا يشرك به شيئا)) متفق عليه.
ولقد كان -صلى الله عليه وسلم- يبث فى قلوب أصحابه معنىٰ التفاؤل والأمل وحسن الظن بالله تعالىٰ، وصِدْق التوكل عليه، ويحذرهم من اليأس والقنوط والتشاؤم, فعن أبى رزين قال: قال - صلى الله عليه وسلم-: ((ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِه)), قال: قلت: يا رسول الله: أوَيضحك الرب؟ قال: ((نعم)), قلت: لن نعدم من رب يضحك خيرًا، رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.
الله سبحانه يبسط يديه ليتوب المذنبون، ويرجع الحائرون مستبشرين بفضل منه ونعمة وغفران نسأل الله العلى العظيم أن يجعل لنا نصيبًا فى البشرى فى الدنيا والآخرة إنه الرحيم بعبادة الوهاب الحليم.
القدوة الصالحة ونماذج مستبشرة واضحة
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة