النصف من شعبان ليلة الفرح

محاضرات
طبوغرافي

الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض

الداعية والمفكر الإسلامى

الدكتور

لما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكان اليهود أكثر أهلها يستقبلون بيت المقدس فأمره الله سبحانه وتعالى أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود باتباع الرسول لهه حيث استقبلها النبى صلى الله عليه وسلم سبعة عشر شهراً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يستقبل قبله إبراهيم عليه السلام فكان يقلب وجهه، وينظر إلى السماء فنزل قول الله تعالى " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (البقرة:144) وهذه الآية الكريمة نزلت بعد قول اليهود: "يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا"

وكان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه، وقالوا إن أول ما صلى النبى صلى الله عليه وسلم صلى إلى الكعبة ثم صُرِفَ إلى بيت المقدس ستة عشر شهر، ًثم وجهه الله إلى الكعبة، وذلك لحكمة لكى يتألف أهل الكتاب وليعلم الجميع أن الله سبحانه وتعالى له المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم، وقد شاء الله لنا الخير والهداية فأمرنا بالتوجه فى الصلاة نحو الكعبة، وأراد لنا الصراط المستقيم بين الشرق والغرب.

وقد دلنا الحديث الشريف على قصة بداية التحول إلى الكعبة عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده – أو قال أخواله – من الأنصار، وأنه صلى قِبَلَ بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم فخرج رجل ممن صلى معه فمَّر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال أشهد بالله لقد صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل مكة فداروا كما هم قبل البيت وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب . فلما ولَيَّ وجهه قبل البيت أنكروا ذلك " .

فلما كانت الصلاة من الإيمان، وقد صلى الناس فترة من الزمن نحو بيت المقدس، فكان قول الله تعالى " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ" على أساس أن الصلاة من الإيمان يعني لا يضيع الله صلاتكم بل هي محسوبة ومحفوظة لكم قبل التحول وبعده وكذلك لا يُضيع الله إيمان أهل الكتاب قبل الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فكان إيمانهم متصلاً بإيمانهم بعد التحول لذلك كان ختام الآية الكريمة، هو قوله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ"
ولم يقل سبحانه : " إن الله بالمسلمين لرؤف رحيم " لأن الخوف من ضياع الإيمان كان من المسلمين الذين كانوا يتجهون نحو بيت المقدس، وظلوا يصلون ستة عشر شهراً ثم تحولوا إلى الكعبة وهؤلاء من الناس .

ومن الناس أيضاً أهل الكتاب الذين آمنوا برسولهم قبل الإسلام فما كان الله ليضيع إيمانهم قبل تحول القبلة بل هو إيمان في حفظ الله، وما كان عند الله تعالى لا يضيع؛ لذلك كله كان قول الله تعالى آخر الآية الكريمة" إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ".

وإذا كان الله بالناس جميعاً رءوفاً رحيماً فلنا أن نفهم أنه سبحانه وتعالى بالمؤمنين من المسلمين أكثر رحمة ورأفة وعودة إلى الحديث الشريف السابق فنقول إن بعضهم قد قال: إن الرجل الذي شهد الصلاة هو عباد بن بشر الذي أخبر أهل قباء في صلاة الصبح والصلاة كانت أول التحول للقبلة هي صلاة العصر، وكانت بالمسجد النبوي ولكن الرجل الذي ذكر في الحديث الشريف سافر بعد صلاة الصبح، فمر بمسجد قباء وأخبرهم بهذا الخبر. ومسجد قباء يُعني مسجد أهل قباء وهم من بني سلمة .