الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامى
ــ الإخلاص هو تفريغ القلب لله، أي: صرف الانشغال عمّا سواه، وهذا كمال الإخلاص لله تعالى وقيل: "الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين".
منزلة الإخلاص:
الإخلاص هو حقيقة الدين، وهو مضمون دعوة الرسل قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}. وقال عز وجل: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.
يقول أحد الصالحين: إذا أخلص المسلم في صلاة الفجر تتفجّر ينابيع الحكمة على لسانه، لأنه تغلّب على كل المشاكل الحياتية، وعندما دخل الصلاة جعلها صلة قوية بينه وبين الله.
والإخلاص هو أساس النجاح وبه يُنال المطلوبُ في الدنيا والآخرة فهو للعمل بمنزلة القواعد للبنيانوبمنزلة الروح للجسدفكما أنه لا يستقرّ البناء ولا يتمكّن من الانتفاع منه إلا بتقوية أساسه وتعاهده من أن يعتريه خلل فكذلك العمل بدون الإخلاص وكما أن حياة البدن بالروح فحياة العمل وتحصيل ثمراته بمصاحبته وملازمته للإخلاص وقد أوضح ذلك الله في كتابه العزيز فقال:
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّم وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
سُبُل تحقيق الإخلاص:
ــ أن يقصد المسلم بعبادته وجهَ الله دون سِواه، ويُطَهِّرَ قلبَهُ من الرياءِ و السمعة والشهرة والسعيِ لمدح الناس، ويحاول أن يُبعِد نفسه عن مَواطِنِ المديح والإعجاب بالنفس.
ــ أن يستوي عنده المدح والذم، فيكون سواء
عنده ذمَّه الناس أم مدحوه، فلا يُعجبُ بمدحٍ ولا يضيق لذم، ولكن يتساوى عنده الأمران، فلو لم يكن لعملهِ قيمة لدى الناسِ فلا يبالي؛ لأنه يبحث عن القيمة الحقيقية عند الله -سبحانه وتعالى-، فيُحقّق بذلك الإخلاص بمعناه الحقيقي، ويُخَلِّصَ النفس من التدني لانتظارِ مدح الناس وثنائهم، فهذا من أهم ما يساعدُ على الإخلاصِ في القولِ والعمل.
ــ على الإنسان أن يدرك أنه عبدٌ لله - سبحانه وتعالى-، ولا ينتظر العبد من سيده ومولاه مقابلًا ولا عِوَضًا لطاعته، وإنما يتكرم ويتشرف لمجرد أنه عبدٌ لله - جل جلاله-، فحقيقةُ تحقيق العبودية لله، هو العمل لله خالصًا دون أن يرجو الإنسان مقابلًا لعمله.
ــ أن يعلم الإنسان أنه مقصر بحق الله مهما فعل، فمهما عَمِلَ الإنسان من الطاعات لله، فهو مقصرٌ لم يوَفِّ الله حقه، وهذا الشعور يدفعه للإخلاص لله - عز وجل-، ومراجعة نفسهِ مرارًا، والسعي أكثر إلى العمل في سبيل الله مُخلِصًا النية لله تعالى.
ــ أن يسيء الإنسان الظنَّ بنفسه، فيعتقد أن عملهُ شابه الخلل والنقص، رغم بذله الجهد وسعيه الدؤوب، إلا أنه يرى أنه لم يُحسِنِ العملَ كما يجبُ عليه، فهذا يساعد على تحقيق الإخلاصِ لله -جل وعلا-.
ــ أن يخشى الإنسانُ من عذابِ الله ومقته وغضبه، ويتذكر دائماً البعث والحساب، فهذا مما يدفعه إلى تصفيةِ نيته، وتنقيةِ سريرته، فمعرفةُ الإنسان ويقينه بالآخرة، تجعله متعلقًا بمن بيده مصيره إما إلى جنةٍ وإما إلى نار.
بادر أخى الكريم بالإخلاص لله تعالى وليكن شعارك: "وعجلت إليك ربِّ لترضى" قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.
تعلمت من هذه الحكمة الكثير ولازلت أتعلم، إذا أخلص المسلم انقطعت عنه الوساوس والأوهام، والأفكار السلبية، ذلك لأن الإنسان إذا أخلص فإنه بإخلاصه يقهر من حوله من شياطين الإنس والجنّ، فالإخلاص يعالج الوسوسة، ويقضى على الرياء، ويزيد الإنسان قربًا من الله تعالى، ويسبب له الفلاح فى الدنيا والآخرة.