الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامى
يخشى عليك الشطان من الصدقة لأنك إن تصدقت بارك الله لك في مالك، قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، فالشيطان لا يحب أن يبارك الله تعالى لك، وأنت إن تصدقت كنت في معية الله وفي رضوان الله، والشيطان لا يحب أن يراك في معية الله ولا في رضوانه.
الإنسان إذا تصدق استشعر بركة الصدقة في حياته، يستشعرها بأن يعطيه الله عافية وقوة وبركة وعزيمة في ماله كلما تصدق لله تعالى، والشيطان لا يريد لك هذا، بل يريد لك الفقر والضعف والفتور، لا يحب لك أن تنجح في أي اختبار.
الله تعالى يختبر الإنسان في المال وهو أصعب اختبار على الإنسان، فلقد فشل قارون في هذا الاختبار عندما كان أغنى أهل الأرض جميعا، فلقد كنز المال وقال: {إنما أوتيته على علم عندي}، على الرغم من أن الله هو الذي أعطاه إياه ليختبره به، فأعطاه الله من المال ما لم يعط أحدا من العالمين، قال تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}، فلقد فرح بماله وزعم أن الله لم يرزقه به وأنه هو الذي اكتسبه بعلم عنده وبمجهوده هو، فكانت النتيجة أن خسف الله به وبداره الأرض، قال تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ}، خسف الله به.. لأنه اتبع الشيطان وعصى الرحمن، لأنه لم يتصدق، لأنه تكبر على الناس بزينته وبماله، ولذا رسب في هذا الاختبار الذي أعده الله تعالى له، وكثير من الناس في زماننا هذا من أصحاب الثروات الضخمة قد تبعوا نهج قارون وحرموا من أموالهم الفقراء وذوي الحاجات، وزعموا أنهم اكتسبوا هذا المال باجتهادهم وبمهاراتهم ولم يعلموا أن الله تعالى قد وهبه إياهم كي يختبرهم فيه، ولكن لم ينجحوا في هذا الاختبار، فبخلوا على خلق الله، وحرموا من مالهم الفقراء والمساكين؛ مع أنهم لن يأخذوا معهم في قبورهم منه شيئا.