مراتب التجارة مع الله

معية الحبيب
طبوغرافي

من رحمة الله بعباده أن خلقهم مختلفين في همتهم فمنهم من يعتلي أدنى الجبل، ومنهم من يعتلي أوسطه ومنهم من يعتلي أعلاه؛ لذلك لم تكن الجنة درجة واحدة وإنما هي مائة درجة وكل يلتحق بالدرجة التي التي تناسب همته في الدنيا؛ ولذا قال النبي الكريم: اقرأ ورتل وارتقِ فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها. وكل يصنع لنفسه مكانته في الجنة: من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا كلما غدا أو راح. (ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد) إنه جلال الله وجماله فإن الجلال كله لله ذلك الجلال الذي تعرض له موسى عليه السلام الذي وصل إلى حال الرهبة من الله إنه مقام الصالحين الذين يحبون بعضهم البعض (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات) فكل منهم يجاهد في الخيرية التي لم يستطع أحد أن يبلغها سواهم وعمر يقول لأبي بكر: لقد أتعبت من سيأتي بعدك، وقد قالها عثمان رضي الله عنه لعمر وقد رآه يجري خلف شاة هربت من بيت المال حتى اعتبطها (من المؤمنين رجال).
وهذا الراعي الأسود جاء يسلم فقال له النبي: أرسل هذه الغنيمات إلى أصحابها وكانوا يهود خيبر وهم أعداء النبي الكريم، فأشار الراعي إليها فذهبت واستقرت إليهم وقد جاء النبي هدية وأعادها لليهود، وهو يحاصرهم فبسط يده للنبي وبايعه على الشهادة واستدار العبد ناحية الحصن ليجاهد مع الصحابة فجاءه سهم في رأسه فدخل به الجنة فتقدم له رسول الله فطيبه وودعه وتراجع فقال: وجدت معه زوجتيه من الحور العين.
وتجارة الأنصار والمهاجرين كانت تجارة نموذجية من اقتدى بها ربحت تجارته وليس كل الناس من يتاجر تجارة صحيحة، فالمهاجرون قال الله تعالى عنهم (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في أنفسهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) وأما الأنصار (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان).