الرؤيا.. عالم كبير له أسراره

معية الحبيب
طبوغرافي

بقلم فضيلة الدكتور/ أحمد عبده عوض

العالم والمفكر الاسلامى

 

يتناول الدرس الثالث والعشرون أصحاب الرؤيا الصالحة في الدنيا ، وهذا الدرس من الدروس التحفيزية، التي نحفز

بها المسلمين في شتى ربوع الدنيا لما فيه من استبشار وكرم كبير من الله سبحانه وتعالى،  وفيه العناية من الله

تعالى، والرضا لأصحاب القلوب .

والرؤيا الصالحة في حياة المسلم جانب عظيم، لأن الإنسان يقضي من حياته القصيرة جزءًا كبيرًا وهو نائم، فماذا

يدور عليه في نومه  ؟

ولدينا في كتب الصحاح، عند الإمام البخاري رحمه الله عز وجل، كتاب كامل اسمه كتاب الرؤيا الصالحة التي يراها

المسلم  أو ترى له ، وهي جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة، وعددها الإمام ابن حجر  من مراتب النبوة، وذكر

من هذه المراتب، الرؤيا الصالحة .

والرؤيا أيها الأحباب عالم كبير، وفيه أسرار كبيرة أتمنى أن أجليها لكم، وأن أُعان حتى أظهر لكم جانبًا من أسرارها وعظمتها.

الرؤيا الصالحة باب من أبواب الفرج، والله عز وجل يفرج عليك، فترى رؤيا صالحة، تفتح لك هذه الرؤيا بابًا كبيرًا من أبواب الفرج  .

ومعنا وهب بن منبه أحد الصالحين الكبار، الذي نسعد به دائما معنا في معية الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولن أتكلم عن حياته، أو عن سيرته.

كان قد أصابه الإملاق، واشتد عليه الأمر، وازداد عليه الضيق والحاجة، فحزن  فنام ذات ليلة، وهؤلاء الناس قلوبهم

موصولة في الظاهر وفي الباطن، نام ذات ليلة، فجاءه آت من الله عز وجل، وأعطاه لوحة من حرير ملفوفة، ففرد

هذه اللوحة، وقرأ ما فيها: "لا ينبغي لمن عرف عدله، أو عقل عن الله أمره أن يستبطئ الله في رزقه" قرأ هذه

الصحيفة، تذكره بالفرج، واستيقظ يقول: بعد هذه الصحيفة، التي رأيتها في الرؤيا، عين يقين فتح الله تعالى لي

أبواب الفرج كلها، لقد فتح الله تعالى لي أبواب الفرج من حيث لا أدري، ومن حيث لا أحتسب .

وقد كان أبو بكر الرازي، يحكي قصة ويقول: كان هناك عالما في عصرنا، يسمى الإمام أبو بكر بن علي، وحُبس

ظلمًا، عندما وُشي به عند السلطان، يقول أبو بكر الرازي: نمت ذات ليلة، فجاءني النبي صلى الله عليه وسلم في

الرؤيا، فلم أرَ أجمل مما رأيت، وقال صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى أبي بكر بن علي في السجن فقل له هناك

حديث في صحيح البخاري، اسمه حديث تفريج الكرب، أين أنت من هذا الحديث، أين أنت من هذا الدعاء، قال أبو

بكر الرازي : فتحت الصحيح فوجدت هذا الدعاء في المكان الذي دلني عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هذا

الدعاء هو دعاء تفريج الكرب، من قاله فرج الله تعالى عنه ما هو فيه " لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب

العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات  ورب الأرض ورب العرش الكريم"،قال ذهبت إليه فزرته، وذكرت له الرؤيا،

وقلت له هذه بشارة لك من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قل هذا الدعاء، قال فقالها، فقال هذه الجمل

الثلاث، .وبعد ساعة فرج الله تعالى عنه، هذه هي الرؤيا الصالحة فعلًا، وهي رؤيا الفرج، وبعد ساعة فرج الله تعالى

عنه، وكشف عنه ما هو فيه  .

وهذا طارق بن زياد، جاءه الأمر من موسى بن نصير، أن يتقدم ناحية الأندلس، وفتح الأندلس يعتبر أقوى فتح في

تاريخ الإسلام، فأنت تفتح أوربا غير المسلمة، وتقتحم عالمًا آخر، تدخل، وتجوب لجة البحر، قال طارق بن زياد: فلما

ركبت البحر متجهًا قبالة بلاد الأندلس، جاءني نوم من حيث لا أدري، نام كرهًا عنه، قال رأيت مشهدًا عظيمًا، ورأيت

النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه خلق كبير، لا نهاية لهم، وكلهم يلبسون الدروع، والتروس، يستعدون للقتال في

سبيل الله سبحانه وتعالى، فنادى علي النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أقبل يا طارق، تقدم لشأنك يا طارق،

تقدم يا طارق، قال طارق بن زياد: ببركة هذه الرؤيا، ما دخلنا معركة إلا وانتصرنا، وكنت كلما أغفو أشاهد النبي

صلى الله عليه وسلم، نفس المشهد، ومعه خلق كبير، من أصحابه، وربما كانوا من الملائكة، هؤلاء لست أدري

ربما كانوا يفتحون معه والله أعلم .

فتحت بلاد الأندلس برؤيا صالحة، رأينا الإسلام الآن مراكز إسلامية، عظمة في عظمة، وبلاد أوربية مثل بلجيكا، تكاد

تكون بلاد إسلامية صرف ببركة الرؤيا الصالحة التي رآها طارق بن زياد. ورأى فيها سيدنا صلوات ربي وسلامه عليه،

يلبس ملابس القتال، تقدم يا طارق، ويأخذ بيده، قال فتقدمت فكان النصر من الله.

والسيدة صفية رضي الله تعالى عنها كان والدها من كبار اليهود، وقتل يوم خيبر، وقصة قتله معروفة، شاهد النبي

صلوات ربي وسلامه عليه آثار لطمة، على خد السيدة صفية وقد كان أبوها يهوديًا متعصبًا، وكان يغضب الحبيب

صلوات ربي وسلامه عليه، لكنها صفية رضي الله تعالى عنها، فشاهد النبي صلى الله عليه وسلم، على وجهها

آثار لطمة شديدة، فقال لها ما أثر هذه اللطمة يا صفية؟ قالت يارسول الله، قبل أن تأتي يثرب أي المدينة، نمت ذات

ليلة فرأيت كأن القمر نزل من السماء فسقط في حجري- وهذا قبل زواجها بالرسول صلى الله عليه وسلم بحوالي

ثمان سنوات، لأن النبي صلوات ربي وسلامه عليه أيامها، كان يستعد للهجرة، أي بدايات الهجرة، وبدأ الناس

يعرفون الإسلام، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قالت رأيت كأن القمر نزل من السماء فسقط في حجري،

فذهبت فرحة إلى ابن عمي، أقص عليه الرؤيا، فقال لها لعلك تقصدين بهذا القمر الرجل الذي سيكون ملكًا ليثرب،

ولطمها لطمة شديدة، عقابًا لها على هذه الرؤيا، ولا زالت آثار اللطمة على وجهها رضي الله تعالى عنها. لم يكن

النبي صلى الله عليه وسلم، ملكًا ليثرب، ولكن منزلته عند الله تعالى أعظم من ملوك الأرض، ولكن هكذا يفهم البسطاء.

وأبو الحسن علي بن أحمد، كان من كبار الصالحين، وكان مريضًا، وكان يقول رضي الله تعالى عنه، عندما أموت فلا

أدفن إلا بعد ثلاث، فإنني عندي سكتة أي ربما يكون دخل في غيبوبة، ولم يمت، يقول الرجل في وصيته رضي الله

تعالى عنه، عندما أموت لا أدفن إلا بعد ثلاث، وأعطى هذه الوصية لتلاميذه وأهله، وكان هذا الرجل يصوم رجب

كاملًا، وفي شهر جمادى، جلس مع تلاميذه  وأهله مرة ثانية، وقال لهم أبو الحسن علي بن أحمد، رحمه الله

تعالى، كنت أوصيتكم من قبل، أنني عندما أموت وإني أشعر بدنو الأجل، لا أدفن إلا بعد ثلاثة، وإني الآن فإني أعدل

في وصيتي، وأقول لكم عندما أموت، ادفنوني في نفس الساعة، فقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بالأمس

جاءني في الرؤيا، وقال لي: يا أبا الحسن تصوم رجب عندنا، وإنني أشعر أنني سأموت، وأصوم رجب عند سيدنا

رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله يا أبا الحسن هنيئًا لك أن النبي استقبلك قبل أن تموت ومات هذاا الصالح

وصام رجبه عند الله تعالى.