الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامى
كان الربيع بن الخثيم رحمه لله تعالى مثلًا أعلى فى خشيته الله تعالى:
ولعل من أبرز المواقف التى تُظهرُ ذلك ظهورًا جليًا موقفه عندما تعرضت له امرأةٌ بارعة الجمال، فكان موقفه منها موقف الرجل التقى النقى العفيف الحيى الحر الأبى وليس موقف الفاجر الشقى العتى الغوى الذى يسير أسيرًا ذليلًا وراء شهواته فقد أمرَ قومٌ امرأةً ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع ابن خيثم لعلها تفتنه، وجعلوا لها إن فعلت ذلك ألف درهم.فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب، وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه، ثم تعرضت له حين خرج من مسجده، فنظر إليها، فراعه أمرها، فأقبلت عليه وهى سافرة.
فقال لها الربيع: كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك، فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت، فقطع منك حبل الوتين؟
أم كيف بك لو سألك منكر ونكير؟
فصرخت المرأة صرخة، فخرت مغشيا عليها، فلما أفاقت بلغت من عبادة ربها ما أنها كانت يوم ماتت كأنها جذع محترق .
فكان ابن الخيثم كان مثالاً للرجل الصالح والعبد التقي النقي الخفي..
فتنة النساء سببها خضوعهن بالقول .. وقد يكون الرجل فـى قلبه مرض
إن الفتنة بالنساء تأتى من أمرين:
(1) أن تخضع بالقول.
(2) أن يكون الرجل فى قلبه مرض مصداقًا لقوله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} [سورة الأحزاب:32].
فالمرأةُ خضعت بالقول لكن الربيع ابن خيثم لم يكن فى قلبه مرض كحال الذين يسيرون وراء الشهوات والعياذ بالله فحصل له النجاة لذلك .
وعن أبى وائل، قال: خرجنا مع عبد الله بن مسعود ومعنا الربيع بن خثيم، فمررنا على حداد فقام عبد الله ينظر حديدة فى النار، فنظر ربيع إليها فتمايل ليسقط، فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون على شاطئ الفرات فلما رأى عبد الله الأتون والنار تلتهب فى جوفه قرأ قوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيّظًا وَزَفِيرًا * وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَانًا ضَيّقًا مّقَرّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان 12: 13]، قال: فصعق الربيع فاحتملناه فجئنا به إلى أهله.وكان الربيع بن خيثم آيةً فى إخفاء العمل يمتثل قول النبى: ((إن الله يحب العبد التقى الغنى الخفي)).
وعن سفيان، قال: بلغنا أن أم الربيع بن خثيم كانت تنادى ابنها الربيع فتقول: يا بنى يا ربيع ألا تنام؟ فيقول: يا أمه من جن عليه الليل وهو يخاف البيات حق له أن لا ينام، قال: فلما بلغ ورأت ما يلقى من البكاء والسهر نادته فقالت: يا بنى لعلك قتلت قتيلا؟ فقال: نعم يا والدة قد قتلت قتيلًا. قالت: ومن هذا القتيل يا بنى حتى يتحمل على أهله فيعفون؟ والله لو يعلمون ما تلقى من البكاء والسهر بعد لقد رحموك، فيقول: يا والدة هى نفسي.
وفى خاتمة عمره أوصى الربيع بن خثيم عند موته، فقال: هذا ما أوصى به الربيع على نفسه وأشهد الله عليه وكفى به شهيدًا، وجازيًا لعباده الصالحين ومثيبًا، إنى رضيت بالله ربًا، وبمحمد نبيًا، وبالإسلام دينًا، ورضيت لنفسى ومن أطاعنى بأن أعبد الله فى العابدين، وأحمده فى الحامدين، وأنصح لجماعة المسلمين.
رحم الله الربيع بن خثيم فقد كان .. مثالًا للرجل الصالح الذى يخاف ربه فى السر والعلن، ومثالا للعبد التقى النقى الخفى الذى يؤثر مرضاة ربه وقربه وطاعته على الدنيا وما فيها.
القدوة الصالحة.. مع الرجل الصالح الربيع بن الخيثم
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة