الهجرة والاغتراب والمشكلات النفسية

صحة وجمال
طبوغرافي

 

بقلم.د/ إيمان السيد.

المعالج النفسي والباحث في العلوم السلوكية

إيمان السيد

 

 

 يعتبر السفر أو الهجرة من الأمور الضرورية لهذا العصر المضطرب والتي يجبر الإنسان دائما عليها لاكتساب عيشه أو لقضاء حاجاته، أو لتجاوز الأمور القهرية مثل الحروب والفتن أو انتشار الأمراض، ومع اختلاف أسباب السفر أو الهجرة إلا أنها تتفق جميعا في تسببها للنفس القلق والاضطراب، ولهذا فقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم السفر بأنه قطعة من العذاب.

وأوصى رسولنا الكريم الفرد المسلم بأن ينهي سفره وحاجته منه ويعود لأهله فور انقضاء مهمته، حيث قال "السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله" وذلك لأن النفس البشرية دائما ما تميل إلى السكينة والاستقرار والشعور بالأمن وتحقيق كافة جوانب التفاعل الإيجابي مع البيئة الخارجية ولهذا فأول مهمة نفسية لمن أراد السفر أو الهجرة أن تكون لديه القدرة على التأقلم مع الوضع الجديد والسعي إلى تكوين الألفة والعلاقات الإيجابية مع الآخر والبيئة بصورة كاملة.

16lky0l

 ونجد الكثير ممن يسافرون إلى الخارج يصابون بـ -Homesickness- أو  الاغتراب والحنين للوطن وهي حالة نفسية تنتج من القلق والخوف  والانعزالية والاكتئاب والحزن والرهبة الاجتماعية، وبالطبع فهذه الحالة  تكون حاجزا شديدا بين اندماج الفرد في بيئته الجديدة، وهي من  الحالات التي يجب أن يتوفر لها أساليب العلاج النفسي والسلوكي  والمعرفي السريع حتى لا تتحول إلى مشكلات صحية كبيرة أو تقود  الفرد إلى الانتحار، ولكي يتجنب الفرد الوقوع في تلك المشكلات لابد أن يحافظ على التواصل الدائم مع أهله أو أصدقائه ولو هاتفيا وأن يبتعد تماما عن الوحدة أو الانعزال، وأن يحاول جاهدا أن يندمج مع بيئته الجديدة وأن يتغلب على اختلاف الثقافات أو العادات، ومن الأمور الجيدة والمهمة جدا هي التعرف على البيئة الجديدة له وذلك بزيارة معالمها ومتاحفها أو السير في شوارعها والتعرف على جزء كبير من مؤسساتها وذلك لتكوين الألفة ومنع الشعور بالاغتراب أو العزلة والقضاء على وقت الفراغ المسبب للضغوط النفسية وتذكر الحنين للموطن الأصلي ومن ثم القلق والاكتئاب.. ومن الأمور المهمة أيضا هي تمسك الفرد بدينه وتقوية العلاقة والتقرب إلى الله تعالى بالمواظبة على الصلاة وآداء الطاعات وأن يحافظ الفرد على هويته الدينية والثقافية والشخصية وألا يسمح بفقدانها أو ذوبانها مع الآخر، حتى يستطيع تحقيق التوافق النفسي الجيد بينه وبين نفسه.