الغيرة المرضية تأتي كأي نوع من الأمراض النفسية التي يعتمد فيها على الأدوية الكيميائية،

صحة وجمال
طبوغرافي

معلومات  طبية هامة 

خلق الله الإنسان وكرّمه بالعديد من المزايا التي تميّزه عن غيره من المخلوقات، ومن هبات الله للإنسان أن فطره على الغيرة والتي تعتبر من أهم ميكانزمات الدفاع التي يستعملها الإنسان حينما يشعر بالقلق أو الخوف من أمر يهدده أو يشكل خطرًا على علاقته بآخرين.

ولهذا فالغيرة لا تقتصر على فئة معينة بل هي موجودة عند كل البشر: الطفل والطفلة والشاب والفتاة والرجل والمرأة، وإن كانت حدتها تكون أشدّ عند الأنثى نظرًا لطبيعتها العاطفية.. ولهذا أيضًا تختلف النتائج المترتبة عليها حسب نوعها وفرطها فقد تكون الغيرة تنافسية إيجابية بين الزملاء في العمل أو الأصدقاء، أو بين الزوجة وزوجها حين تملأ البيت بالمحبة والألفة الطيبة، وهذا النوع يتميز بقدر كبير من الاعتدال والتفاهم ولا يخرج إلى المغالاة، ويكون في حجمه الحقيقي ولا يسبّب مشاكل دون سبب أو داع حقيقي لها، أو يتسبب في ظلم أحد الأطراف للطرف الآخر.

وقد ثبت عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قوله: "إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير الريبة ".

وتحتاج أيضًا الغيرة إلى الذكاء وحسن التعامل والقدرة على احتواء الغضب من الطرف الآخر كما فعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حينما أهدت أم سلمة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم له قصعة فيها ثريد، وهو في بيت بعض نسائه، فضربت عائشة يد الخادم، فانكسرت القصعة، فجعل النبيُّ يأخذ الثريد ويردّه في القصعة، ويقول "غارت أمّكم". فهكذا كان تعامل النبي صلى الله عليه وسلم الذكي والجميل ما جعل السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تندم وتقول: يا رسول الله، ما كفّارة ما صنعت؟ قال:"إناء مثل إناء، وطعام مثل طعام". وبهذا حوَّل الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم الغضب والغيرة إلى الحبّ والمودة بينها وبين أم سلمة.

ولكن هناك نوع آخر من الغيرة، وهو ما يخرج عن حجمه الطبيعي ويشكل اضطرابًا حقيقيًّا في السلوك لدى المصاب به بحيث تستحيل الحياة معه أو يشكل خطرًا حقيقيًّا عليه أو الطرف المشارك له، وعادة ما يرتبط أصحاب هذا الاضطراب بالعديد من المشاكل النفسية الأخرى مثل الوساوس أو الاكتئاب أو فقدان الثقة.

ويشكل مرض الغيرة خطرًا كبيرًا على الأزواج حيث تصل أحيانا اندفاعاتهم إلى الانتحار أو على الآخرين بإلحاق الأذى بهم، وقد شاهدنا في مجتمعنا العشرات من حالات القتل والجرائم التي تقع بسبب الغيرة العمياء، ومن هنا لا بد أن نعترف بأهمية العلاج النفسي والسلوكي للمصابين وعدم تجاهلهم.

وتظهر صعوبة العلاج في عدم اعتراف المريض نفسه بمرضه وتجاهله له، أو ارتباطه باضطرابات نفسية أخرى كالاكتئاب أو الوساوس أو الإدمان على الكحوليات أو المخدرات، وهنا يكون العلاج مرتبطًا بالتخلص من الأمراض السابقة عليه، وتخليه عن السلوكيات السلبية المصاحبة له.

والغيرة المرضية تأتي كأي نوع من الأمراض النفسية التي يعتمد فيها على الأدوية الكيميائية، وكورسات العلاج النفسي السلوكي والتي تعمل على خفض نسبة التوتر والكبت والتنفيس عن العواطف والاحتياجات، ويأتي أيضا دور العلاج المعرفي وما يقدمه من طرق ترفع قدرة المريض على الوعي الكامل والتحكم الحقيقي في العواطف وتقدير العواقب وحسن التصرف.

ولهذا ننصح بتحكيم العقل ( زوج أو زوجة ) في كل تصرف أو قول يقوم به، وألا يترك الأمر لهواه أو لعاطفته تتحكم به كما تشاء، وأن يتثبت ويستوضح أي أمر يستجد عليه بروية وألا يتسرع باتهام الآخر وأن تكون الحكمة والتريث هي القائد لنا.