لا يدرك عامة الناس أن هناك حدا فاصلا بين صلاحيات الصيدلي وأهلية الطبيب. إذ يفضل الكثير من المرضى ولأسباب مادية في الغالب، اختصار المسافة باستشارة الصيدلي بدل القيام بتشخيص كامل لدى الطبيب. وقد تتساهل الكثير من الأمهات أيضا مع إصابة أطفالهن ببعض أمراض البرد والنزلات ويلتجئن إلى اقتناء الأدوية الشائعة، لا سيما في حال تكرر المرض، دون أن يدركن خطورة التعرض لمضاعفات أو تفاعلات كيمياء العقاقير التي قد لا تتماشى مع خصوصية كل حالة.
وكثيرا ما يقوم الصيدلي نفسه بدور الطبيب ويرشح بعض الأدوية بناء على حالة المريض، وهو أمر خطير في آثاره السلبية على الصحة بعدما أثبتت تجارب سريرية وعلمية أنها تؤدي إلى الإصابة بحساسية الجلد لاحتوائها على مواد فعالة قد تضر بالجسم أكثر مما تفيده.
والكارثة هو ماكشفه بحث استقصائي من أن 45 % من صيدليات مصر بدون صيدلي وأن عمال غير مؤهلين يصرفون الأدوية للجمهور خاصة في المناطق الشعبية ويتم بيع الأدوية بدون وصفة وأن أصحاب الصيدليات يلجئون إلى الاستعانة بمساعدي الصيادلة بدلًا من الصيدلي لخفض التكاليف
ويقول وكيل نقابة الصيادلة د. محمد سعودي، إن 62 ألف صيدلية مرخصة توجد في مصر منها 45 ألفًا تعمل ويتردد عليها نحو مليوني مواطن يوميًا. وأشار إلى أن غالبية الصيدليات تحتاج في المتوسط خمسة أفراد لتشغيلها على ثلاث ورديات. وقال إن عدد خريجي الصيدلة سنويا 14 ألفا من 35 كلية في الجامعات الحكومية والخاصة، ورغم أن العدد متوفر إلا أن الكثير من الشباب لا يفكر في العمل في الصيدليات.يقول د. سعودي إن ضعف التفتيش والضوابط على تشغيل عمال الصيدليات جعل الصيدلة مهنة من لا مهنة له. وأضاف أن مساعد الصيدلي إذا عمل في صرف الأدوية يمكن أن يحاكم بتهمة انتحال صفة صيدلي ويعاقب بالحبس لمدة تصل إلى عامين طبقا لقانون مزاولة المهنة، بالإضافة إلى غلق الصيدلية إداريًا لمدة شهر أو أكثر وهو ما حدث مع حالة طفل الشرقية.
مديرة إدارة التفتيش الصيدلي د.مديحة أحمد، تقول إن عدد الصيدليات التي تعمل بدون صيدلي يقدر بالآلاف وقد تم ضبط الكثير منهم من قبل مفتشي الصيدلة لكنها قالت إنه لا يوجد توثيق لتلك الحالات لأنها تدرج ضمن مخالفات الصيدليات بصورة عامة.
وقالت مديرة إدارة التفتيش الصيدلي إنه في قضية تشغيل عاملين لصرف الأدوية يستخدم المفتشون السلطة التقديرية أو "روح القانون" لأن هناك الكثير من الاحتمالات لغياب الصيدلي وقت التفتيش وقد يكون لديه عذر؛ لذلك نعتمد على تاريخ الصيدلية في باقي المخالفات سواءً كانت تتعلق ببيع أدوية مجدولة (أي على جدول الأدوية المخدرة) بدون وصفة طبية أو بعدم التزامها بالمعايير الصحية وحينما نجد السجل مليئًا بمخالفات أخرى نطبق القانون في حالة غياب الصيدلي دون انتظار ومن المرة الأولى. أما في حالة التزام الصيدلية بكافة الشروط الأخرى وقتها نطبق روح القانون بأن ننتظر الصيدلي ونحذره شفويًا من ترك الصيدلية لأي سبب ويكون التحذير مرتين وهو سبب أنك لن تجد المخالفة الأولى لأي صيدلية تتعلق باستخدام عمال لبيع الأدوية وإنما ستجدها بعد عدد كبير من المخالفات إلا إذا تسبب ذلك في كارثة وقتها تطبق العقوبة بغلق الصيدلية حتى لو كان سجلها نظيفًا.
وكشف الدكتور هاني الناظر أستاذ الأمراض الجلدية بالمركز القومي للبحوث، أن الرجوع إلى الصيدلية لشراء الأدوية بشكل عشوائي مثلما هو شائع في البلدان العربية، أمر في غاية الخطورة. في المقابل، أبدى الدكتور هيثم عبدالعزيز عضو مجلس نقابة صيادلة مصر دهشته من اعتراض الأطباء.
وأكد أن الصيدلي الخبير الأول بالدواء، فهو القادر على معرفة المادة الفعالة وتداخلات المواد مع بعضها لأكثر من دواء وما ينتج عنها، كذلك هو من يحدد الجرعات المناسبة من الدواء، سواء للطفل أو البالغ أو المسن أو المرأة الحامل.
وأشار إلى أن هناك أكثر من 127 مادة فعالة للأدوية يمكن للصيدلي صرفها بشكل وصفي أي دون الرجوع إلى الطبيب، وهي مواد تدخل في تكوين أكثر من 800 دواء في السوق المصري على رأسها أدوية البرد، بموجب قرار وزاري صادر من وزارة الصحة لتنظيم هذا الشأن، مقررا بأن أدوية علاج أمراض أخرى مثل القلب وضغط السكر والأمراض المستعصية لا يجوز للصيدلي صرفها بشكل وصفي من المريض.
وأكد عبدالعزيز أنه لا يوجد أمان بشكل مطلق في تناول العقاقير، كما أن الحساسية الناتجة عن بعض العقاقير تختلف من شخص إلى آخر، وتحدث في حالات نادرة لا يمكن اعتبارها ظاهرة أو الانزعاج منها.
كارثة .. 45 % من صيدليات مصر بدون صيدلي
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة