يعتبر اكتئاب الأطفال من أكثر الظواهر المنتشرة حاليا بين أبنائنا وهو لا يختلف كثيرا عن الاكتئاب المعتاد الذي يصيب الكبار، فمشاعر الأطفال تتطور أيضا ويصيبها الحزن والكآبة والعدائية؛ وهو ما يؤثر على سلوك الطفل اليومي ويؤثر على استمتاعه بحياته اليومية؛ ويؤثر بالسلب على نموه وعلاقاته الاجتماعية بعائلته وأسرته وأصدقائه.
وتظهر أعراض الاكتئاب عند الأطفال بصورة بطيئة غير ظاهرة أو مفاجئة وغالبا ما تكون غير مُشخصة، ولعل أبرز العلامات التي تظهر أن هناك احتمالية كبيرة لإصابة الطفل بالاكتئاب تكون سرعة الغضب والانفعال عند الطفل، والمعاناة المستمرة والحزن واليأس الشديد، والعزلة الاجتماعية عن الأقارب وعدم الرغبة في تكوين الصداقة ومشاركة أقرانه اللعب، والتغيرات المستمرة في تناول الطعام إما بالزيادة أو النقصان. والمعاناة الدائمة في النوم واضطراباته والشكوى من الأرق الشديد أو كثرة النوم المفرط.
وأيضا الشكوى المستمرة من الاجهاد أو البكاء دون داع، والشكوي من آلام المعدة والصداع والمشكلات الصحية وخاصة النفسجسمية. وظهور العديد من السلوكيات العدوانية والعنيفة مع الآخرين، وبالطبع لا تظهر هذه الأعراض مجتمعة دفعة واحدة، بل بكون بعضها فقط وعلى مراحل متتابعة.
ولعل أكثر الأطفال المعرضون للاكتئاب هم الأطفال دون العاشرة ومن يعاني والداهم من الاكتئاب أو من يعيشون في جو من الصراعات الأسرية أو الفوضى العائلية.
ونستطيع تشخيص الاكتئاب لدى الطفل إذا استمرت هذه الأعراض لمدة أسبوعين أو أكثر ولكن قبل أن نشخصها لا بد من عرض الطفل على طبيب أطفال متخصص للتأكد من عدم وجود أية أمراض جسمية وبعدها يمكن اللجوء إلى العيادة النفسية والاجتماعية.
ويكون التشخيص في الغالب عن طريق المقابلة الشخصية التي تجمع الطفل بالوالدين والأخصائي وعن طريق إجراء العديد من الاختبارات المعنية بقياس القلق والاكتئاب والتي تكشف بوضوح عن وجود الاكتئاب من عدمه.
ويكون العلاج من الاكتئاب عن طريق الأدوية المضادة للاكتئاب والعلاج السلوكي وهناك دور كبير لأسرة الطفل في العلاج، ولا بد أن نأخذ الحذر من أن الاكتئاب دائما ما يكون مبتدأ لظهور بعض الأمراض النفسية المصاحبة له ولهذا لابد أن ننتبه لضرورة التشخيص المبكر للمرض وعلاجه للحفاظ على سلامة النمو العقلي والجسدي للطفل.