المخرج: عبدالرحمن سامى
زهرة.. إحدى ضحايا الزواج المبكر وعناد الأب وعدم تفهمه لحقوق ابنته فى اختيار من تتزوجه وظلم الزوج وإجبارها على العيش مع ضرة، فقد وجدت نفسها عروسًا تُزَفّ وهى لا زالت فى الـ “15” من عمرها لا تعى من أمور الحياة ومسؤوليات الزواج شيئًا.عاشت زهرة طفولتها فى براءة وسعادة لا توصف ونالت من رعاية الأسرة ما ناله بقية الأبناء – إخوتها- فدخلت المدرسة وهى تحلم بأن تصبح فى المستقبل دكتورة بحجم الدنيا، فتفوقت فى دراستها وتنقلت بين صفوف التعليم حتى بلغت الصف الثالث الإعدادي.
لم تكن زهرة تعلم أنها لن تستطيع إكمال دراستها وتحقيق حلمها المنتظر، وأن الصف الثالث الإعدادى هو آخر محطة دراسية لها، فقد حدث أن تقدم لخطبتها رجل بعمر والدها، متزوج وله أبناء من الزوجة الأولى، وأراد أن يجدد شبابه مع هذه المسكينة التى لم تجد مفرًّا للنجاة من هذه الكارثة بسبب قبول والدها طلب الرجل وإصراره على تزوجها به.
تركت زهرة لعبها ودفاترها وأحلامها الجميلة لتستمع إلى وصايا والدتها كيف تصبح امرأة وزوجة كاملة فى خمسة أيام، ورضخت لقدرها المحتوم فزفت إلى بيت الزوجية وشمعتها الـ “15”لم تنطفئ بعد.
بين ليلة وضحاها وجدت الفتاة نفسها مسؤولة عن راحة زوجها الذى يكبرها بسنوات عديدة والذى أخبرها منذ ليلة “الدُخلة” انه لم يتزوجها إلا بغية الحصول على الراحة واستعادة أيام الشباب قبل أن ينتهى العمر.
بعد عام واحد من الزفاف، وضعت زهرة مولودها البكر لتصبح بذلك أمًّا مسؤولة عن رعاية وتربية طفلها التربية الحسنة، فى الوقت الذى ما زالت زميلاتها فى المدرسة لا يعرفن شيئًا عن مصطلح الأمومة.
لم يفِ الزوج بتعهداته للزوجة الجديدة زهرة بأنها ستكون المفضّلة لديه عن أبنائه وزوجته الأولى، بل حتى عن نفسه، فعلى العكس من ذلك تمامًا كان هذا الزوج يقدم الأولى على الأخيرة فى كل شيء لدرجة أنها– أى الزوجة القديمة – كانت تتحكم فى علاقة الزوج مع الزوجة الجديدة وساعات بقائه معها.
مع الأيام، وجدت زهرة نفسها مجرد خادمة لدى زوج لا يرحم وضرة بعمر والدتها، فكانت المشاكل اليومية هى القاسم المشترك بين الزوجتين، وكثيرًا ما كانت تنتهى لصالح الزوجة الأولى بسبب تحيز الزوج لها.
مضت الأيام، وشارفت السنة الثانية بعد الزفاف على بلوغ النصف عندما شعرت زهرة بجنين جديد يتحرك فى بطنها، ومع استمرار المشاكل بينها وبين ضرتها والتعنيف المستمر الذى تتعرض له من زوجها لم تستطع التحمل أكثر فلجأت إلى أسرتها طالبة منهم وضع حد لمعاناتها مع زوجها العجوز وزوجته الأولى، لكن والدها لم يعِ بعد مقدار الجرم الذى ارتكبه بدءًا بتزويج ابنته قبل بلوغها السن الصالح للزواج وأمرها بالعودة إلى بيت زوجها قائلاً لها إنه “ليس للمرأة الا زوجها” وتناسى أنها ما زالت فى سنوات الطفولة.
عادت زهرة إلى بيت زوجها تجرّ أذيال الخيبة والألم وكانت المشاكل فى الانتظار كالعادة الأمر الذى دفعها إلى التفكير فى إنهاء معاناتها بنفسها، ولم تجد غير الموت سبيلا للخلاص من جميع المآسى والآلام التى تتجرعها بشكل يومى أثناء عيشها مع هذا الرجل وزوجته.
ظلت فكرة الموت مسيطرة على المسكينة زهرة وكانت فى كل مره تحاول فيها الانتحار تتراجع عن التنفيذ خوفًا من عقاب الخالق جل وعلا وأملا فى أن الأيام القادمة ستكون أفضل، إلا أن شيئًا لم يتغير وكل يوم يمر كان أسوأ من ذى قبل، حتى جاء اليوم الذى قررت الفتاه إنهاء هذا العذاب والرحيل من هذه الدنيا التى لم يعد للفرح فيها مكان.
فى أحد الأيام نشبت مشاكل بين زهرة وضرتها فى غياب الزوج، وعندما عاد بعد أن هدأت الأمور أخبرته الزوجة الأولى بما حدث بينهما فأخذ الزوج العصا وانهال بها على الزوجة الثانية فى كل مكان من جسدها النحيل فلم تستطع الصبر وتحمل العذاب أكثر وقامت بأخذ علبة مليئة بمادة سامة مخصصة لقتل الحشرات وحاولت تناول ما بداخلها، لكن الزوج منعها من ذلك, فحملت قنينة السم وهربت إلى بيت الجيران وهناك تناولت محتوى علبة السم كاملا، وبعد ذلك تم نقلها مباشرة إلى أحد المستشفيات، لكنها فارقت الحياة فى وقت سريع لأن كمية السم كانت كبيرة، وبذلك أنهت زهرة حياتها بنفسها فرحلت وفى بطنها جنين وخلفها طفل رضيع، وكل ذلك ولم تبلغ بعد الـ17 من عمرها.
من الحياة : طفلة أصبحت أما لطفل آخر
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة