“بائع الملوك”، “سلطان العلماء”، “أسد الإسلام”، كلها مما وصلنا من ألقاب وأوصاف عدة اكتسبها خلال مشوار حياته، إنه الأسد المغوار الإمام والعالم الإسلامي،الإمام عبد العزيز بن عبد السلام ابن أبي القاسم بن الحسن بن مهذّب، شيخ الإسلام وبقية الأعلام الشيخ العلاّمة وحيد عصره عز الدين أبو محمد السُّلَمي الدمشقي ثم المصري، الشافعيُّ الأشعري، والمعروف والذائع صيته بلقبه الأشهر العز بن عبد السلام، الذي كان يصرخ ويجاهر بقولة الحق في وجه الحكام والسلاطين دون أن يخاف في الله وكلمة الحق لومة لائم.
واشتهر بن عبدالسلام، ببائع الملوك، فعندما وصل إلى مصر سنة 639هـ، رحّب به الملك الصالح نجم الدين أيوب وأكرم مثواه، ثم ولاّه الخطابة والقضاء، ومن أهم ملامح شخصية الشيخ -رحمه الله- علمه وفقهه، فقد تميّز الشيخ وبرع في هذه الناحية كثيرًا حتى لقبّه تلميذه الأول ابنُ دقيق العيد بسلطان العلماء.
ومما يشهد بسعة علم الشيخ ما تركه للأمة من مؤلفات كثيرة عظيمة القيمة، عميقة الدقة في مادتها، والتي ما زال الكثير منها مخطوطًا ولم يطبع بعدُ، فلا يُذكر العز بن عبد السلام إلا وتُذكر الهيبة التي يهبها الله للعاملين المخلصين من عباده، ولا يُذكر -رحمه الله- إلا وتُذكر معه الجرأة على كل مخالف لشرع الله، مهما علا مكانه، وارتفعت بين الناس مكانته.
وُلِد العز بن عبدالسلام بدمشق في حوران بسوريا سنة 577هـ/ 1181م، ونشأ فيها وعاش فيها وبرز في الدعوة والفقه، وكان منهجه في البحث يدعو إلى إعمال العقل في استنباط الأحكام، وفي التعرف على المصالح. ويرى أن الأحكام إن لم يمكن استنباطها من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس، فيجب استنباطها بما يحقق مصلحة ويدرأ مفسدة، والعقل هو أداة هذا الاستنباط.
لم يطلب العلم إلا على كبر، وكان فقيرا في بداية حياته، ووقتها كان للعلماء قدر وقيمة في نفوس العامة، وكان يسعى لطلب العلم والعمل، وبرز في زمن الحروب الصليبية وعاصر الدول الإسلامية المنشقة عن الخلافة العباسية في آخر عهودها، وأبرز نشاطاته دعوته القوية لمواجهة الغزو المغولي التتري، وشحذه همم الحكام ليقودوا الحرب على الغزاة، خصوصا قطز قائد جيوش السلطان عز الدين أيبك.
وتوفي شيخ العلماء في 10 جمادى الأولى سنة 660 هـ الموافق 1262م في مصر، مُخلفًا وراءه عشرات المؤلفات و3 كتب في تفسير الشريعة الإسلامية وإرثا من الجرأءة في مواجهة السلاطين والحكام بقولة الحق.
العز بن عبد السلام.. إمام العلماء وأسد الإسلام
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة