واحة في الصحراء الغربية المصرية تبعد سيوة حوالي 300 كم. عن ساحل البحر المتوسط إلى الجنوب الغربي من مرسى مطروح.
متوسط مستوى الواحة ينخفض 18 مترًا تحت سطح البحر. مركزها الحضري بلدة سيوة التي يقطنها ما يقارب 7000 نسمة. اكتشفت في واحة سيوة عام 2007 أقدم آثار لأقدام بشرية على وجه الأرض قدّر عمرها إلى 3 ملايين عام.
وتوجد نسبة من السكان من أصل أفريقي أسود (من غرب أفريقيا جنوب الصحراء) هم التكرور الذين أثروا ثقافيا في الواحة منذ القدم، ويعد المهرجان الصوفي السنوي الذي يقام في الخريف من كل عام بمثابة حدث ثقافي وسياحي هام في الواحة.
ومن أبرز المعالم في سيوة أطلال البلدة القديمة المعروفة باسم شالي. كما توجد فيها آثار معبد أمون مقر أحد أشهر عرّافي العالم القديم، وهو الذي زاره الإسكندر الأكبر عام 333 قبل الميلاد حيث نصبه الكهنة ابنا للإله أمون وتنبؤوا له بحكم مصر والعالم القديم المعروف في ذلك الوقت.
تكثر في واحات سيوة الينابيع والبحيرات الصغيرة، تشتهر بتمرها وزيتونها ومنتجات الزيوت والصناعات اليدوية من سجاد والمنسوجات.
كما كانت تشتهر بصناعة طراز مميز من الحلي الفضية، والتي لم يبق في حوزة السكان المحليين منها الكثير بسبب تكالب السواح الأوربيين الذين كانوا أول من اهتم بها.
توجد في سيوة مراكز للاستشفاء الطبيعي وفنادق فاخرة بنيت بشكل يسعى لأن يكون بسيطا ومنسجما البيئة الطبيعية والثقافية للواحة، إضافة إلى فنادق أخرى عادية؛ وتستقطب المنطقة أعدادا متزايدة من السياح كل عام.
يقول هيرودوت: «بعد السَّفر إلى قلب الصحراء، يمرُّ المرءُ بأحراش تمرحُ فيها الوحوش البرية، وخلفها منطقة الرمال الكثيبة، التي تمتد من طيبة في مصر حتى أعمدة هرقليس. في هذه المنطقة بالتحديد، يصادف المرء، بعد مشي على القدمين لعشرة أيام، آثار مغطاة بأحجار الملح، الذي تحوَّل إلى بلورات من الكريستال العملاق، وفوق قمة تلك الروابي، ومن قلب الملح، يتفجر ماء عذب متجدد، ليصبح عينًا، خلف الغابات البرية».
هانحن على بُعد آلاف السنين من سطور هيرودوت، لكن الصورة التي وثقها لم تَخْتَفِ، بل أصبحت أكثر غرابة، سنكتشفها حين نزور مدينة الملح!
مدينة من ملح
في قلب «واحة سيوة»، تمتد طريقٌ أكثر غرابة، بطول 12 كيلومترا. تشق بحرًا من الملح! فعلى جانبي الطريق الإسفلتية تستقر المياه المالحة. هي في الشتاء مرآة للسماء وما على الشطآن، ولكن ما إن يهل الصيف، حتى تكسو طبقة من الملح وجه الماء.
من بعيد لاحت المدينة الملحية، غير المأهولة، سور كبير يحيطها من كل جانب، تآكلت منه أجزاء. وعلى باب المدينة مسجد من الملح، عرفناه على الرغم من أنه بلا مئذنة، لسبب يسير: لا يزال المحراب قائمًا، بارزا كأنه نصف عمود أسطواني خارج من جدار المسجد. تجولتُ مع زميلي المصور، والدليل والسائق. لايصاحبنا سوى الصمت في مدينة نادرة ليس يحرسها أحد. مدينة فريدة تستحق أن تضم إلى قائمة تراث الإنسانية الذي تسجله اليونسكو، من أجل الحفاظ عليه للأجيال القادمة، لا أن تُتركَ لمصيرها. لا تُمطر الدنيا في «واحة سيوة»، وإلا لاختفت تلك المدينة، واختفت معها آثار أخرى سنراها لاحقا. فعلى الرغم من ندرة مطرها فإنه يأتي كالسيل المدمر.
لا تستمد هذه المدينة فرادتها من الملح الذي شيِّدتْ منه وحسب، بل لأنها تضم رُبَّما أقدم عاصرة زيتون في مصر، وهي التي وهبت المدينة اسمها؛ «الزيتونة». يحدد الدليل عمرَ المدينة والمعصرة من جذع النخلة التي تعتليها، وقد تآكلت، مما يثبت أن عمرها انتهى، وإذا عرفنا أن خشب النخل يعيش أربعة قرون، لأمكننا بالتقريب تحديد عمر مدينة «الزيتونة» الملحية!
من أين جاء كُلُّ هذا الملح؟ ما أيسر السبب! لقد كانت «واحة سيوة» مغطاة بأكملها بالبحر، الذي انحسر ليصبح ما عليه الآن البحرُ المتوسط. لم يعش أحدٌ من تلك الأزمان السحيقة ليخبرنا بقصص اختفاء البحر، لكن الحفريات الباقية للحيوانات البحرية، والصخور الملحية، وتلك البحيرات المالحة، تظل شاهدًا على حضور البحر، ومرور المحيط.
في قلب كل هذا الملح، كانت هناك غرفة وحيدة من الحجر، تشبه إلى حدٍّ كبير غرف المقابر التي سنزورها لاحقا. لعل مدينة الزيتونة شيدت فوق أطلال معبدٍ قديم! يسمِّي أهالي «واحة سيوة» تلك المادة الملحية المستخدمة في البناء باسم طريف؛ «الكرشيف»! في القرن التاسع عشر، يصف الرَّحالة مينوتولي «واحة سيوة» فيقول إن أرضها منداة، مبتلة، كثيرة المستنقعات، مغطاة ببحيرات الملح، التي تنمو فوقها جزر صغيرة خصبة مثمرة».
مدينة من الطين!
من الزيتونة سنتجه إلى شالي، في قلب «واحة سيوة». وكلمة «شالي» باللغة السيوية تعني الوطن (البلدة، المدينة). في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي شيدت قرية شالي لتكون حاجز دفاع أمام القبائل المعادية. هناك بنى السكان قرية محصنة فوق هضبة عالية ترى المساحات حول الواحة من كل زاوية، تبوح بيوت شالي القديمة بسر العمارة الدفاعية؛ أسوار عالية، أبراج مراقبة، وطبقات من المنازل بعضها فوق بعض، وكأنه منزل وحيد، أو قلعة موَّحَّدة، وكلها من الطين، المُعَشَّق والمُطعَّم بالحجارة، كما أنها خاوية منذ العام 1820م، وفرادتها تدعو اليونسكو مرة أخرى لدراستها تمهيدًا لوضعها ضمن التراث الإنساني الواجب حفظه للأجيال القادمة. فالبيوت «العصرية» تزحف ببطء منذ العام 1985، ولكن بشراسة، لتلتهم العمارة السيوية التقليدية.
جبل الموتى
"جبل الموتى" أحد أجمل وأغرب المناطق الأثرية في مصر، والتي ترجع إلى الأسرة الـ 26 وتمتد حتى نهاية العصر البطلمي واليوناني، وبالرغم من جماله الأخاذ وتاريخه العريق، فإن القليلين فقط من يعرفوا عنه أو زاروه.
تقع منطقة "جبل الموتى" بالقرب من واحة سيوة التابعة لمحافظة مطروح، وهو ليس جبلًا كما قد يتصور البعض، لكنه مكان مرتفع أقرب للهضبة.
تم اكتشافه أثناء الحرب العلمية الثانية عام 1944، عندما اقتربت المعارك من واحة سيوة، فقام الأهالي بترك بيوتهم والتوجه للجبل للاحتماء به فاكتشفوا أن به منطقة أثرية عامرة.
إذا دخلت في إحدى هذه المقابر، تجد نفسك تمشي في ممر ضيق يؤدي لحجرة صغيرة منخفضة السقف مزخرفة برسومات فرعونية جذابة يتفرع منها مجموعة من الفتحات المخصصة لوضع أجسام الموتى بنظام. ويحتوي "جبل الموتى" على العديد من المقابر من أهمها: مقبرة سي آمون، ومقبرة التمساح، ومقبرة نيبرباثوت
واحة وثلاثة عيون
فإذا أردت أن تنسى الدنيا كلها خلف ظهرك ، وإن أردت الهدوء وراحة البال وعدم التلوث ، وبكر الطبيعة والحياة . فعليك بسيوة .. تقول كلمات الأغنية السيوية :
ياأجمل مدينة .. ...... سيوة يا سيوة
فيها معبد أمون .. .. مشهورة بالزيتون
نطلب من رب الكون والخير علينا يدوم
بلدى بلد الآثار ...... مشهورة بالزوار
فيها رحلة سفارى.....مشهورة بالآمال
فيها كرم الضيف ...خريف ولا صيف
ما أحلى طلعة شمسك .. بتفتح الأنوار
سيوة.. كنز الصحراء الغربية
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة